الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة

          ░46▒ (باب: غَزْوَة الفَتْح)
          (وما بَعَث حَاطِب بن أَبِي بَلْتَعَة إلى أَهْلِ مكَّة) قال الحافظ: أي: فتح مكَّة شرفها الله تعالى وسقط لفظ: (باب) مِنْ «نسخة الصَّغانيِّ»، وكان سبب ذلك أنَّ قريشًا نقَضُوا العهد الَّذِي وقع في الحُدَيْبِيَة، فبلغ ذلك إلى(1) النَّبيِّ صلعم، قال ابن إسحاق: حدَّثني الزُّهْريُّ عن عروة عن المِسْوَر بن مَخْرَمة أنَّه كان في الشَّرط مَنْ أحبَّ أن يدخُل في عقْد [رسول الله صلعم وعهدِه فليدخلْ، ومَنْ أحبَّ أن يدخل في عقد] قريش وعَهْدِهم فليدخلْ، فدخلت / بنو بكر بن عبد مَناف(2) بن كنانة في عهد قريش، ودخلت خُزَاعَة في عهد رسول الله صلعم، قال ابن إسحاق: وكان بين بني بكر وخزاعة حروب وقتلى في الجاهليَّة، فتَشَاغَلوا عن ذلك لمَّا ظهر الإسلام، فلمَّا كانت الهُدْنَة خرج نَوْفَل بن مُعَاوية الدِّيْليُّ مِنْ بني بَكْر في بني الدِّيل، حتَّى بيَّتَ خُزَاعة على ماء لهم يقال له: الوَتِير، فأصاب منهم رجلًا يقال له: مُنَبِّه، واستيقظت لهم خُزْاعَة، فاقتتلوا إلى أنْ دَخَلوا الحَرَم، ولم يتركوا القتال وأمدَّت قريش بني بكر بالسِّلاح، وقاتل بعضُهم معهم ليلًا في خُفْية، فلمَّا انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخُزَاعيُّ حتَّى قدم على رسول الله صلعم وهو جَالس في المسجد، فأنشد أشعارًا فيه بيان نقض قريشٍ العهدَ، ذكرها الحافظ قال ابن إسحاق: فقال له رسول الله صلعم: ((نُصِرْتَ يا عَمْرُو بنَ سالم)) فكان ما هاجَ فتْحَ مكَّة. انتهى.
          قوله: (وما بعث حَاطِب...) إلى آخره، قالَ العَينيُّ: هذا عَطف على قوله: (غزوة الفتح) والتَّقدير: وفي بيان ما بعث به حَاطِب بن أبي بَلْتَعَة إلى أهل مكَّة... إلى آخره، والمبعوث منه الكتاب وصورته:
          أمَّا بعدُ يا معشر قريش، فإنَّ رسول الله ╧ جاءكم بجيش كاللَّيل، يسير كالسَّيل فوالله لو جاءكم وحده نصره الله عليكم وأنجز له وعده فانظروا لأنفسكم والسَّلام [انتهى].
          قال الحافظ: فلمَّا أجمع رسول الله صلعم المسير إلى مكَّة، كتب حَاطِب بن أبي بَلْتَعة إلى قريش يُخْبِرُهم بذلك، ثمَّ أعطاه امرأة مِنْ مُزَيْنة، وعند [ابن] أبي شيبة: ثمَّ قال النَّبيُّ صلعم لعائشة: ((جَهِّزِيني ولا تُعْلِمِي بذلك أَحَدًا)) فدخل عليها أبو بكر فأنكر بعض شأنها فقال ما هذا؟ فقالت [له]، فقال: والله [ما] انقضت الهدنة بيننا، فذكر ذلك للنَّبيِّ صلعم فذكر له أنَّهم أوَّل مَنْ غدر، ثمَّ أمر بالطُّرق فحُبِسَت فعَمَّى(3) على أهل مكَّة لا يأتيهم خبرًا(4). انتهى.
          قلت: ومقصود المصنِّف بهذه التَّرجمة بيان التَّهَيُّؤ له فلا يتوهَّم التَّكرار بالتَّرجمة الآتية.


[1] قوله: ((إلى)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((مناة)).
[3] في (المطبوع): ((فعُمِّي)).
[4] في (المطبوع): ((خبر)).