الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب السرية التي قبل نجد

          ░57▒ (باب: السَّريَّة الَّتي قِبَل نجد)
          قال الحافظ: (قبل)_بكسر القاف وفتح الموحَّدة_ أي: في جهة نجد، هكذا ذكرها بعد غزوة الطَّائف، وَالَّذِي ذكره أهل المغازي أنَّها كانت قبل التَّوجُّه لفتح مكَّة، فقال ابن سعد: كانت في شعبان سنة ثمان، وذكر غيره أنَّها كانت قبل مؤتة، [ومؤتة] كانت في جمادى كما تقدَّم مِنَ السَّنة، وقيل: كانت في رمضان، قالوا: وكان أبو قتادة أميرها وكانوا خمسة وعشرين وغنموا مِنْ عطفان(1) بأرض محارب مئتي بعير وألفي شاة. انتهى.
          فائدة: إلى هاهنا انتهت سلسلة تراجم الغزوات، فقد كانت التَّراجم السَّابقة مِنْ أوَّل كتاب المغازي أكثرُها في الغزوات إلَّا قلائلَ منها مثل (باب: غزوة زيد بن حارثة) و(باب: بعثه صلعم أسامة إلى الحُرَقَات) و(باب: غزوة مؤتة) فإنَّها سرايا لا الغزوات على اصطلاح الجمهور، وقد تقدَّم أنَّ المصنِّف لم يفرِّق بين الغزوة والسَّريَّة مِنْ حيثُ الإطلاق، فأطلق إحداهما على الأخرى على خلاف اصطلاح الجماهير، ومِنْ هاهنا جلُّ التَّراجم الآتية مِنْ قَبيل السَّرايا سوى غزوة تبوك آخر الغزوات، ولذا ذكرها المصنِّف أخيرًا في ختام المغازي.
          أمَّا تعريف السَّريَّة فهو ما قال الحافظ: السَّرِيَّة_بفتح المهملة وكسر الرَّاء وتشديد التَّحتانيَّة_: هي الَّتي تخرج باللَّيل، والسَّارية: الَّتي تخرج بالنَّهار، وقيل: سُمِّيت بذلك لأنَّها تُخْفِي ذَهَابها، وهذا يقتضي أنَّها [أُخذت] مِنَ السِّرِّ، ولا يصحُّ لاختلاف المادَّة، وهي قطعةٌ مِنَ الجيش تخرج منه وتعود إليه، وهي مِنْ مئة إلى خمس مئة، فما زاد على خمس مئة يقال له: مَنْسَر_بالنُّون والمهملة_ فإن زاد على الثَّمان مئة سُمِّيت جيشًا، وما بينهما يُسَمَّى هَبْطَة، فإن زاد على أربعة آلاف يُسَمَّى جَحْفَلًا، فإن زاد فجيشٌ جَرَّار، والخَمِيسُ: الجيش العظيم، وما افترق مِنَ السَّرية يُسمَّى بَعْثًا، فالعشرة ومما(2) بعدها تُسمَّى حَفِيرة، والأربعون عُصْبَة، وإلى ثلاث مئة مِقْنَب_بقاف ونون ثمَّ موحَّدة_ فإن زاد سُمِّي جَمْرَة بالجيم، والكَتيبة: ما اجتمع ولم يَنْتَشِر. انتهى.
          قلت: وقد تقدَّم ما قالَ الزُّرْقانيُّ: / قد جرت عادة المحدِّثين وأهل السِّير في اصطلاحاتهم غالبًا أن يسمُّوا كلَّ عسكر حضره النَّبيُّ صلعم بنفسه الكريمة غزوةً، وما لم يحضره بل أرسل بعضًا مِنْ أصحابه إلى العدوِّ سَريةً وبَعْثًا. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((غطفان)).
[2] في (المطبوع): ((فما)) بدل قوله: ((ومما)).