الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب غزوة الطائف

          ░56▒ (باب: غزوة الطَّائف...) إلى آخره
          هو بلد كبير مشهور، كثير الأعناب والنَّخيل، على ثلاث مراحل أو اثنتين مِنْ مكَّة مِنْ جهة المشرق، [قيل]: أصلها أنَّ جبريل ◙ اقتلع الجنَّة الَّتي كانت لأصحاب الصَّرِيم فسار بها إلى مكَّة، فطاف بها حول البيت، ثمَّ أنزَلَها حيث الطَّائف، فسُمِّي الموضع بها، وكانت أوَّلًا بنواحي صنعاء، واسم الأرض وجٌّ_بتشديد الجيم_ سُمِّيت برجلٍ وهو ابن عبد الجنِّ مِنَ العمالقة، وهو أوَّل مَنْ نزل بها، وسار النَّبيُّ صلعم إليها بعد منصرفه مِنْ حُنَين، وحبس الغنائم بالجِعِرَّانة، وكان مالك بن عوف النَّضْريُّ قائد هوازن لمَّا انهزم دخل الطَّائف، وكان له حصن يلِيَة_وهي بكسر اللَّام وتخفيف التَّحتانيَّة_ على أميال مِنَ الطَّائف، فمرَّ به النَّبيُّ صلعم وهو سائر إلى الطَّائف فأمَرَ بهَدْمه. انتهى مِنَ «الفتح».
          وفي «تاريخ الخميس»: قيل: إنَّه لمَّا دعا إبراهيم ◙ لأهل مكَّة / أن يرزقوا مِنَ الثَّمرات نقل الله تعالى بقعة الطَّائف مِنَ الشَّام، فوضعها هناك رزقًا للحرم، قال أصحاب السِّير: لمَّا فتح رسول الله صلعم حُنينًا لعشر أو لأحد عشر مِنْ شوَّالٍ وهو مِنْ الشهر(1) السَّنة الثَّامنة مِنَ الهجرة خرج إلى الطَّائف يريد جمعًا مِنْ هوازن وثقيف قد هربوا مِنْ معركة حُنين، وتحصَّنوا بحصن الطَّائف، وقدَّمَ خالد بن الوليد في ألف رجل على مقدِّمته طليعة، ومرَّ في طريقه بقبر أبي رِغال وهو أبو ثقيف فيما يقال، فاستخرج منه غصنًا مِنْ ذهب وقد كان فل ثقيف لم(2) قدموا الطَّائف دخلوا حصنهم، وهو حصن الطَّائف، درَّموه، وأدخلوا فيه مِنَ الزَّاد وغيره مِنْ جميع ما يُصلحهم لسنة، ثمَّ رتَّبوا عليه مِنَ المجانيق وأدخلوا فيه الرُّماة وأغلقوا عليهم أبواب مدينتهم وتهيَّؤوا للقتال. انتهى.
          قوله: (في شوَّالٍ سنة ثمان...) إلى آخره كذا ذكره في مغازيه، وهو قول جمهور أهل المغازي، وقيل: بل وصل إليها في أوَّل ذي القعدة. انتهى مِنَ «الفتح».
          قوله: (فلم يَنَل مِنْهُم شيئًا) قال الحافظ: في مرسل ابن الزُّبير عند ابن أبي شيبة قال: ((لمَّا حاصر النَّبيُّ صلعم الطَّائف قال أصحابه: يا رسول الله أحْرَقَتْنَا نبالُ ثَقيف فادعُ الله عليهم فقال: اللَّهمَّ اهدِ ثقيفًا)) وقال الحافظ أيضًا: ذكر أنس في حديثه عند مسلم أنَّ مدَّة حصارهم كانت أربعين يومًا، وعند أهل السِّير اختلاف، قيل: عشرين يومًا، وقيل: بضع عشرة، وقيل: ثمانية عشر، وقيل: خمسة عشر. انتهى.
          قوله: (أو كأنَّهم وجدوا...) إلى آخره، كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: والفرق أنَّ الأوَّل بزيادة ألف(3) على أوَّل الكلام دون الثَّاني، وهذا الفرق غير يسير في مذهب أهل الحديث، فكان ممَّا يجب التَّنبيه عليه وتعيين الفرق بحسب المعنى، كما وقع مِنَ الشُّرَّاح تعسُّف، فإنَّ الفرق المعنويَّ لا يكون موجبًا للتَّرديد وإعادة الكلام، كما هو شاهد(4) في كثير مِنَ التَّأويلات المختلفة في معنى الحديث. انتهى.
          وذكر في «هامشه» كلام الشُّرَّاح، فارجع إليه لو شئت.


[1] في (المطبوع): ((أشهُر)).
[2] في (المطبوع): ((لما)).
[3] في (المطبوع): ((الفاء)).
[4] في (المطبوع): ((مُشاهَد)).