الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

حديث كعب بن مالك

          ░79▒ (باب: حَدِيث كَعْب بن مالك)
          قالَ العَينيُّ: هو كَعْبُ بن مَالِك بن أبي كَعْبٍ الأَنْصَاريُّ السُّلمِيُّ، ينتهي نسبه إلى الخزرج، يُكنى أبا عبد الله شهد العقَبَة الثَّانية، واخْتُلِف في شُهُوده بدرًا، وشَهِد أُحُدًا والمشَاهد كُلَّها حاشا تبوك، فإنَّه تخلَّف عنها، وكان أحد الشُّعراء في الجاهليَّة وتُوفِّي في خلافة معاوية سنة خمسين، وقيل: ثلاث وخمسين، وهو ابن سبع وسبعين، وكان قد عَمي في آخر عمره ويُعَدُّ في المدنيِّين، روى عنه جماعة مِنَ التَّابعين.
          قال الحافظ في فوائد الحديث: قال ابن التِّين: فيه أنَّ كعب بن مالك مِنَ المهاجرين الأوَّلين الَّذِينَ صَلَّوا إلى القِبْلَتَين، كذا قال، وليس كعب مِنَ المهاجرين إنَّما هو مِنَ السَّابقين مِنَ الأنصار.
          وقالَ العَينيُّ: قوله: ({وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} الآية [التَّوبة:118]) وهم كَعْب بنُ مَالِك المذكور، وهِلَالُ بن أُميَّة، ومُرَارةُ بن الرَّبِيع.
          أمَّا هلال هو ابن أميَّة الأنصاريُّ الواقفيُّ مِنْ بني واقف ابن امرئ القيس بن مالك بن الأوس.
          وأمَّا مُرَارة فبضمِّ الميم وتخفيف الرَّاءين ابن الرَّبيع يقال: ابن ربيعة العَمْرِيُّ نسبة إلى بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، وقالَ الكَرْمانيُّ: وفي بعض الرِّوايات: العامريُّ وأنكره العلماء وقالوا: صوابه العَمريُّ. انتهى مِنْ كلام العينيِّ.
          وقال أيضًا: إنَّهما شَهِدا بدرًا، وقالَ القَسْطَلَّانيُّ في شرح قوله: (فذَكَرُوا لي رَجُلَين صَالِحَين قد شَهِدَا بَدْرًا...) إلى آخره: قد استشكل بأنَّ أهل السِّير لم يذكروا واحدًا منهما فيمن شهد بدرًا، ولا يُعرَف ذلك في غير هذا الحديث، وممَّن جزم بأنَّهما شهدا بدرًا الأثرم، وهو ظاهر صنيع البخاريِّ، وتعقَّب الأثرمَ ابنُ الجوزي ونسبه إلى الغلط، لكن قال / الحافظ ابن حَجَر: إنِّه لم يُصِبْ، قال: واستدلَّ بعض المتأخِّرين بكونهما لم يشهدا بدرًا بما وقع في قصَّة حاطب وأنَّ النَّبيَّ صلعم لم يهجره ولا عاقبه مع كونه جَسَّ عليه، بل قال لعمر لمَّا هَمَّ بقتله: ((وما يدريك لعلَّ الله اطَّلع على أهل بدر))...الحديث، قال: وأين ذنب التَّخَلُّف مِنْ ذنب الجَسِّ؟ قال في «الفتح»: وليس ما استدلَّ به بواضح؟ لأنَّه يقتضي أنَّ البدريَّ عنده إذا جنى جناية ولو كبُرَت لا يُعاقب عليها، وليس كذلك، فهذا عمر مع كونه المخاطب بقصَّة حاطب قد جلد قُدَامَة بن مَظْعُون الحدَّ لمَّا شرب الخمر وهو بدريٌّ، وإنَّما لم يعاقِب صلعم حاطبًا ولا هَجَره لأنَّه قَبِلَ عُذْرَه في أنَّه إنَّما كاتب قُريشًا خشية على أهله وولده بخلاف تخلُّف كعب وصاحِبَيْه فإنَّهم لم يكن لهم عذر أصلًا، انتهى.
          وبسط الحافظ الكلام فيما يستفاد مِنَ الحديث، فذكر فوائد كثيرة، وقالَ العَينيُّ: فوائد الحديث المذكور أكثر مِنْ خمسين فائدة، وقال أيضًا: وقد أخرج المؤلِّف حديث غزوة تبوك وتوبةِ الله على كعب بن مالك في عشرة مواضع مطوَّلًا ومختصرًا... إلى آخر ما قال.