التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب في قوله تعالى: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}

          بَابٌ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:19]
          الْمَحْرُومُ المحارَفُ، قال ابنُ عمرَ: الحقُّ هنا سِوى الصَّدَقةِ المفروضةِ، وقاله مجاهدٌ. وهذا البابُ في بعضِ النُّسَخِ، ونبَّه عليه ابنُ التِّينِ وقال: إِنَّهُ ليس في روايةِ أبي ذَرٍّ، فَلِذَا حذَفَهُ ابنُ بطَّالٍ وشيخُنا. وَالْمَحْرُومُ مَن حُرِمَ الرِّزقَ وكذلك المحارَفُ، واختلف أهلُ اللُّغة مِن أين أُخِذ هذا للمحارف؟ فقيل له: حُورِفَ كَسْبَهُ فمِيلَ به عنه، كتحريفِ الكلامِ يُعْدَلُ عن جهتِه، وزعم ناسٌ أنه أُخِذَ مِن المِحْراف وهي حديدةٌ يعالَج بها الجِراحةُ، أي قُدِرَ رزقُه كما تُقدَّرُ الجراحة بالمنشارِ.
          وقال الحسن بن محمَّد: الْمَحْرُوم الَّذي لا سهمَ له في الغنيمةِ، وقال زيد بن أسلم: إِنَّهُ الَّذي لحقتْه الجائحةُ فأذهبتْ زرعَهُ وماشيتَهُ، وقال الشَّعبيُّ: أنا منذ احتلمتُ أسأل عن المحرومِ وما أنا السَّاعةَ بأعلمَ به منِّي ذَلِكَ الوقت ولي سبعون سنةً. وقال محمَّد بن الحنفيَّة: بعثَ الشَّارعُ سرِيَّةً فغَنِمَتْ، فجاء قومٌ لم يشهدوا الحربَ فأنزلَ اللهُ الآيةَ المذكورةَ.