التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إنفاق المال في حقه

          ░5▒ بَابُ إِنْفَاقِ الْمَالِ فِي حَقَّهِ.
          1409- ذَكَرَ فيه حديثَ ابنِ مَسعودٍ: (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ مَالًا).
          وقد سلفَ في كتابِ العلمِ واضِحًا، وأنَّ المرادَ بالحَسَدِ هنا شِدَّةُ الحرْصِ والرَّغبةِ، وسمَّاهُ البُخاريُّ الاغتباطَ كما سلفَ مِن غيرِ أن تتمنَّى زوالَها عن غيرِك، ففيه المنافسةُ في الخيرِ والحضُّ عليهِ وفضلُ الصَّدقةِ والكفافِ وفضلُ العلمِ وفضلُ تعلُّمِهِ وفضلُ القولِ بالحقِّ.
          وقسَّمَ بعضُهم إنفاقَ المالِ في حقِّه ثلاثةَ أقسامٍ:
          إنفاقَه على نفْسِه وكلِّ مَن تلزمُهُ نفقتُه غيرَ مُسرِفٍ ولا مُقتِّرٍ لقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} الآية [الفرقان:67]، وهذِهِ أفضلُ النَّفقاتِ لِقولِه صلعم: ((إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِيِّ امْرَأَتِكَ)).
          ثانيها: أداءُ الزَّكَاةِ، وقد جاء أنَّ مَن أدَّى زكاةَ مالِه فليسَ ببخيلٍ.
          وصِلَةُ البعيدِ مِن الأهلِ وصدقَةُ التَّطوُّعِ ومواساةُ الصَّدِيقِ وإطعامُ الجائعِ، قال صلعم: ((السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَاليَتِيْم كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ)) فمَن أنفقَ في هذِه الوُجوهِ الثَّلاثةِ فقد وضعَ المالَ موضِعَهُ وأنفقَهُ في حقِّهِ، وكذلكَ مَن آتاهُ الله حُكمًا وعلمًا فهو وارثٌ منزلةَ النُّبُوَّةِ لأَنَّهُ يموتُ وأجرُ عملِه ومَن عمِلَ بعِلْمِه باقٍ إلى يومِ القيامة، فينبغي لكلِّ مؤمنٍ أن يحسُدَ مَن هذا حالُه وللهِ الفَضْلُ.