التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصدقة باليمين

          ░16▒ بَابُ الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ.
          1423- 1424- ذكرَ فيه حديثَ أبي هُريرة: (سَبْعَةٌ يَظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ) وقد سلفَ.
          وحديثَ حارثةَ بن وهبٍ: (تَصَدَّقُوا) السَّالفَ في بابِ الصَّدقةِ قَبْلَ الرَّدِّ.
          ولم يظهَرْ لي وجه إيرادِه في الصَّدَقةِ باليمينِ إِلَّا أن يُقالَ: إنَّ قولَه: (تَصَدَّقُوا) يُحمَل على ما مُدِحَ فيه في الحديثِ الأوَّلِ وهو اليمينُ. قال ابنُ التِّينِ هنا: وقولُه: (يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ) جاء في الأثرِ أنَّ الشَّمسَ تقرُبُ مِنَ الخلائقِ يومَ القيامة حَتَّى يبلُغَ الكافرُ في رَشْحِهِ إلى أنصافِ أُذُنيهِ فيُظِلُّ اللهُ مَنْ يشاءُ في ظِلِّه، وقد سلفَ ما في ذلك مستوفًى.
          وبدأَ بالإمامِ العادلِ لأنَّ اللهَ تعالى يُصلِحُ به أَمْرَ العبادِ في نَفْيِ الظُّلْمِ وإصلاحِ السُّبُلِ ودَفْعِ العدوِّ وغيرِ ذلك، ويُقالُ: للإمامِ مِثْلُ أجرِ مَن عمِلَ بأمْرِهِ وانتهى بنَهْيِهِ ووعْظِهِ مع أَجْرِهِ وليس أحدٌ أقربَ مِن الله منزلةً منه بعدَ الأنبياءِ، وقال عثمان: الَّذِي يَزَعُ بالإمامِ أكثرُ ممَّا يَزَعُ بالقرآنِ، يعني يَكُفُّ.
          وإِنَّمَا خصَّ اليمينَ لأنَّ الصَّدقةَ لَمَّا كانتْ لله استعملَ فيها أشرفَ الأعضاءَ وأفضلَ الجوارحِ، وقد سلفَ أَنَّ إِخْفَاءَ النَّوافلِ والتَّستُّرَ بها أفضلُ عندَ اللهِ مِن إظهارِها بخلافِ الفرائضِ، وهذا مثلٌ ضربهُ صلعم لإخفاءِ الصَّدَقةِ لقُرْبِ الشِّمالِ مِن اليمينِ، وإِنَّمَا أرادَ بذلكَ أنْ لو قَدَرَ على ألَّا يعلمَ مَن يكونُ على شمالِه مِن النَّاسِ ما تصدَّقتْ به يمينُه لِشدَّةِ استتارِه، وهذا على المجازِ إذِ اليدُ لا توصفُ بالعلمِ، وهذا قد سلف أيضًا.