نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة

          ░111▒ (باب: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ ذُو مَحْرَمٍ) له بنسب أو رضاعٍ أو مصاهرةٍ، فيخلو لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّْ} [النور:31] الآية، ولأنَّ المحرميَّة معنى يمنع المناكحة أبداً، فكانا كالرَّجلين والمرأتين، ولا فرق في المحرَّم بين الكافر وغيره إلَّا إن كان الكافر من قوم يعتقدون حِلَّ المحارم، كالمجوسِ فيَمْتَنِع خلوته (وَالدُّخُولُ) بالجرِّ والرَّفع، أمَّا الجرُّ فللعطف على بامرأة؛ على تقدير ولا بالدُّخول، وأمَّا الرَّفع فعلى أنَّه خبر مبتدأ محذوفٍ تقديره: وكذا الدُّخول (عَلَى الْمُغِيْبَةِ) بضم الميم وكسر الغين وسكون التحتية وفتح المُوَحَّدة، وهي التي غاب / عنها زوجُها، يقال: أغابت المرأة إذا غاب زوجُها فهي مغيبة ويجمع على مُغِيْبَاتٍ، وقد روى التِّرمذي: حدَّثنا نَصْرُ بن علي: حدثنا عيسى بن يونس، عن مجالد، عن الشَّعبي، عن جابر، عن النَّبي صلعم قال: ((لا تلجوا على المُغِيْبَاتِ، فإنَّ الشَّيطان يجرِي من أحدكُم مجرى الدَّم)) الحديث، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، وقد تكلم بعضُهم في مجالد بن سعيد من قِبَلِ حِفْظِه. ولمسلم من رواية عبد الله بن عَمرو مرفوعاً: ((لا يدخلُ رجل على مُغيبةٍ إلَّا ومعه رجل أو اثنان)) ذكره في أثناء حديث.
          ثمَّ هذه الترجمة مشتملة على حكمين: أحدهما: عدمُ جواز اختلاء الرَّجل بامرأة أجنبية.
          والثَّاني: عدم جواز الدُّخول على المغيبة، فحديث الباب يدلُّ على الحكم الأوَّل صريحاً، والحكم الثَّاني يؤخذ بطريق الاستنباط.