نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول النبي: من استطاع منكم الباءة فليتزوج

          ░2▒ (بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ) بالموحَّدة والهمزةِ المفتوحتين وتاء التأنيث ممدودًا، وقد لا يُهْمَز ولا يُمَدُّ، وقد يُهْمَزُ ويُمَدُّ من غير هاء، ويقال أيضًا: الباهة بالهاء بدل الهمزة، وقيل: بالمدِّ القدرة على مؤن النِّكاح، وبالقصر الوطء، وأصلُها لغة: الجِمَاع، ثم قيل لعقد النِّكاح. وقال الجوهريُّ: الباءة مثل الباعةُ لغة في الباه، ومنه سمِّي النِّكاح باءً وباءة؛ لأنَّ الرجل يتبوَّأ من أهله؛ أي: يستمكنُ منها كما يتبوَّأ من دارهِ.
          ولم يقع في بعض النُّسخ لفظة: <منكم> فتصرَّفَ فيه فاختصر، وكأنَّه أشار إلى أنَّ الشِّفاهِيَّ لا يَخُصُّ، وهو كذلك اتفاقًا، وإنما الخلاف هل يعم نصًا أو استنباطًا، وقد أخرجه من وجه آخر في الصيام عن الأعمش بلفظ [خ¦1905]: ((مَنِ استطاعَ الباءة)) كما ترجم به ليس فيه: منكم، فكأنَّه أشار إليه أيضًا.
          (فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ) أي: التَّزوُّجَ وَقَعَ في رواية السَّرخسي: <لأنَّه> والأوَّل أولى؛ لأنَّه لفظُ الحديث وبقيتُه (أَغَضُّ لِلْبَصَرِ) بالغين والضاد المعجمتين (وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) بالحاء والصاد المهملتين (وَهَلْ يَتَزَوَّجُ مَنْ لاَ أَرَبَ لَهُ) بفتح الهمزة والراء والموحَّدة؛ أي: مَن لا حاجةَ له (فِي النِّكَاحِ) أم لا؟ وكأنَّه يشير إلى ما وقع بين ابنِ مسعود وعثمان ☻ ، فعرضَ عليه عثمان ☺ فأجابهِ بالحديث، فاحتملَ أن يكون لا أربَ له فيه فلم يُوافقه، واحتمل أن يكون وافقَه وإن لم يُنْقَلْ ذلك، ولم يذكر الجواب، فلعلَّه رمزَ إلى ما بين العلماء من الاختلافِ فيمن لا يتوقُ إلى النِّكاح هل يُنْدَبُ له أو لا؟