نجاح القاري لصحيح البخاري

باب المداراة مع النساء

          ░79▒ (بابُ الْمُدَارَاةِ) أي: المجاملة والملاينة، يقال: داريتُ زيدًا؛ أي: جاملتَه ولاينْتَه، وهي بغير همز، وأمَّا بالهمز فمعناه: المدافعة، وليس المراد هنا إلَّا المعنى الأول. وقد سوى أبو عبيدة بينهما في باب ما يُهمز وما لا يُهمز. والمداراةُ أصلُ الألفة واستمالة القلوب مِنْ أَجْلِ مَا جَبَل الله عليه خَلْقَهِ، وطبعهم من اختلافِ الأخلاق، وخصت النِّساء بالذِّكر لما جُبِلنَ عليه من الأخلاق أكثر من الرِّجال. وعن النَّبي صلعم : ((مداراة الناس صدقة)).
          (مَعَ النِّسَاءِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : إِنَّمَا الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ) بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام وقد تسكن، والفتحُ أفصح، وهو بالجرِّ عطف على قوله: المداراة، وهذا التَّعليق وَصَلَه البخاريُّ بحديث الباب الذي رواه عن أبي هريرة ☺، وإنَّما قال: كالضِّلع لأنَّها عوجاء. وقال الدَّاودي: إنما قال: كالضِّلع لأنَّها خُلِقَتْ من ضِلَعِ آدم ◙.
          وعن ابن عبَّاس ☻ : أنَّ حوَّاء خُلِقَتْ من ضِلَعِ آدم ◙ الأقصر الأيسر وهو نائمٌ، ويقال: نام آدم نومة فاستلَّ الملك ضلعَه، فخُلِقَتْ / منه حواء، فاستيقظَ آدم ◙ وهي جالسةٌ عنده فضمَّها إليه، أخرجه ابنُ إسحاق في «المبتدأ» عن ابن عبَّاس ☻ ، وكذا أخرجَه ابن أبي حاتم وغيرُه من حديث مجاهد.