نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الثيبات

          ░10▒ (بابُ تَزْوِيْجِ الثَّيِّبَاتِ) اللَّاتي تزوجنَ، وفي رواية: <باب الثَّيِّبات> بدون لفظ: تزويج، والثيب ضدُّ البكر. وقال الحافظُ العسقلاني: هي جَمْعُ ثَيِّبة، وقد تعقَّبه العيني بأنَّه ليس كذلك، بل هو جَمْع ثيِّب. قال ابنُ الأثير: ويقعُ على الذَّكر والأنثى، يقال: رجلٌ ثيِّب وامرأةٌ ثيبٌ. وفي «المغرب»: والثَّيِّب من النِّساء: التي قد تزوَّجت فمات زوجها.
          وعن اللَّيث: ولا يقال للرَّجل، وعن الكسائي: رجلٌ ثيِّب إذا دخل بامرأة، وامرأةٌ ثيِّب إذا دُخِلَ بها كما يقال: بِكرٌ وأيِّم، وهو فعيل من ثاب / لمعاودتها التَّزويج في غالب الأمور، ولأنَّ الخُطَّابَ يثاوبونها؛ أي: يُعاودونها، ويقال: ثيِّبَتِ المرأةُ تثِييبًا إذا صارتْ ثَيِّبًا كعجزِت الناقةُ: إذا صارتْ عجوزًا.
          (وَقَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ) هي رملةُ بنت أبي سفيان الأموي، أمُّ المؤمنين ♦ (قَالَ النَّبِيُّ) وفي رواية أبي ذرٍّ وأَبي الوقت والأَصيلي وابن عساكر: <قال لي النَّبي> ( صلعم : لاَ تَعْرِضْنَ) بفتح التاء وسكون العين المهملة وكسر الراء وسكون الضاد المعجمة، مصحَّحًا عليها في الفرع؛ خطابًا لأزواجه. وقال ابنُ التِّين: ضُبِطَ بضمِّ الضاد ولا أَعْلَمُ له وَجْهًا؛ لأنَّه إمَّا خطابُ النِّساء أو واحدةٍ منهنَّ، فإن كان خطابًا لجماعة النِّساء فصوابه تسكينُها؛ لأنَّه دخلَ عليها النون المشددة فيجتمعُ ثلاث نونات فيفصل بينهما بألف، فيقال: لا تعرضنانِّ، إذ لا يدخل النون الخفيفة في جماعةِ النساء ولا في التَّثنية، وإن كان خِطابًا لأمِّ حبيبة خاصة فتكون الضادُ مكسورةً والنونُ مشدَّدةً أو خفيفةً. نعم عند يونس: تَدْخُلُ النونُ الخفيفة في جماعة النِّساء والتَّثنية.
          (عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ) لحرمتهنَّ لأنَّهن ربائبه وأخوات أزواجهِ، وهذا طرفٌ من حديثٍ سيأتي موصولًا بعد عشرة أبواب [خ¦5101].
          ومطابقتُه للترجمة في قوله: ((بناتكن)) لأنَّه خاطبَ أزواجَه ونهاهنَّ أن يعرضنَ عليه ربائِبه لحرمتهنَّ وهنَّ ثيبات قطعًا فهو يحقِّق أنَّه صلعم تزوَّج الثَّيبَ ذاتَ البنت. وقال الحافظُ العسقلاني: واستنبطَ المصنِّف الترجمة من قوله: ((بناتكن)) لأنَّه خاطب بذلك نساءَه، فاقتضى أن لهنَّ بنات من غيره فيستلزم أنَّهنَّ ثيِّبات. انتهى.
          واعترضَ عليه العيني بما لا ورودَ له حيث قال: إنَّه ليس فيما قاله، وجه المطابقة؛ لأنَّ الذي قاله أنَّ لنسائهِ بنات من غيره، وأنَّه يستلزم أنَّهن ثيِّبات، والترجمة في تزويج الثَّيِّبات لا في بيان أنَّ لهنَّ بنات. انتهى.
          وأنت خبير بأنَّه يستلزم تزوج النَّبي صلعم ثيِّبات، كما صرَّح به نفسه، فكيف يقال إنَّ الترجمة / في تزويج الثَّيِّبات لا في بيان أنَّ لهنَّ بنات، فافهم.