نجاح القاري لصحيح البخاري

باب تزويج اليتيمة

          ░43▒ (بابُ تَزْوِيجِ الْيَتِيمَةِ) أي: التي مات أبوها ولم تبلغ وانفردت عنه، واليتم الانفراد (لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ}) بالواو، وفي رواية أبي ذرٍّ: <(فَإِنْ خِفْتُمْ)> بالفاء والصَّواب هو الأوَّل؛ لأنَّه الموافق للتِّلاوة ({أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا} [النساء:3]) الآية (وإِذَا قَالَ لِلْوَلِيِّ) أي: إذا قال الخاطب للولي (زَوِّجْنِي) موليتك (فُلاَنَةَ، فَمَكَثَ) بفتح الكاف وضمها (سَاعَةً) أي: ثم زوجه (أَوْ قَالَ: مَا مَعَكَ) تصدقها إيَّاه (فَقَالَ: مَعِي كَذَا وَكَذَا) أي: وتخلل كلام نحو ذلك بين الإيجاب والقبول (أَوْ لَبِثَا) كلاهما بعد قوله للولي: زوجني (ثُمَّ قَالَ: زَوَّجْتُكَهَا) فهو جائزٌ؛ أي: في الصُّور الثلاثة المذكورة. والحاصل: أنَّ التَّفريق بين الإيجاب والقبول إذا كان في المجلسِ لا يضرُّ وإن تخلَّل بينهما كلام، وإن حصلَ الإيجاب في مجلسٍ والقبول في آخر لا يجوز العقدُ.
          قِيْل أَخْذُ هذا من حديثِ الباب، فيه نظرٌ؛ لأنَّه قصَّتَه واقعةُ عَينٍ فيطرقها احتمال أن يكون قبل عقيب الإيجاب، ومذهب الشَّافعية اشتراط القبول فورًا فلا يضرُّ فصل يسير، فلو حمدَ الله الولي وصلَّى على النَّبي صلعم وأوصى بتقوى الله، ثمَّ قال: زوَّجتك فلانة، فقال الزوج: الحمد الله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وأوصى ثمَّ قَبِلَ النِّكاح صحَّ، ولا يضرُّ هذا الفصل؛ لأنَّ ذلك مقدمة القبول فلا يقطعُ المولاة بينهما، والخِطْبةُ من الأجنبيِّ كهي ممَّن ذكر فيحصلُ بها الاستحباب ويصحُّ معها العقد، فإن طال الذِّكر الفاصل بين الإيجاب والقبول، أو تخلَّل كلام يسير أجنبي عن القَصْد لم يتعلَّق به ولم يُستحب بطلَ العقدُ لإشعاره بالإعراض.
          (فَيهِ سَهْلٌ) أي: في هذا الباب حديث سهل بن سعد ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) يعني: في قصَّة الواهبة نفسها السَّابق ذكرها مرارًا [خ¦5029] [خ¦5030] [خ¦5087] [خ¦5121].