نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الشروط التي لا تحل في النكاح

          ░53▒ (باب الشُّرُوطِ الَّتِي لاَ تَحِلُّ فِي النِّكَاحِ) أي: لا يحلُّ اشتراطها فيه، وفيه إشارةٌ إلى تخصيصِ الحديث الماضي في عمومِ الحث على الوفاء بالشُّروط بما يباحُ لا بما يُنْهَى عنه؛ لأنَّ الشُّروطَ الفاسدةَ لا يَحِلُّ الوفاءُ بها؛ فلا يناسبُ الحث عليها (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ) ☺، هذا موقوفٌ عليه أورَدَه معلَّقًا. ووقع بهذا اللَّفظ مرفوعًا في بعض طُرق الحديث عن أبي هُريرة ☺، ولعلَّه لما لم يقعْ له اللَّفظ مرفوعًا أشار إليه معلَّقًا إيذانًا بأن المعنى واحد.
          (لاَ تَشْتَرِطِ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا) قال النَّووي: معنى هذا الحديث: نهيُ المرأة الأجنبيَّة أن تسألَ رجلًا طلاق زوجته ليطلِّقها ويتزوَّج بها، والمراد بأختها غيرها سواء كانت أختها: من النَّسب أو الرَّضاع أو الدِّين، ويلحق بذلك الكافرة في الحكم وإن لم تكن أختًا في الدِّين، إمَّا لأنَّ المراد الغالب، أو أنَّها أختها في الجنس الآدمي.
          وقال أبو عمر: الأخت هنا الضَّرَّة، وقال: الفِقْهُ فيه أنَّه لا يَنْبَغي أن تسألَ المرأةُ زوجها أن يطلِّق ضرَّتَها لتتفردَ به.
          قيل: هذا يمكن في الرِّواية التي وقعت: ((لا تسأل المرأة طلاق أختها)). وأمَّا الرواية التي فيها لفظ الشرط فظاهرها أنَّها في الأجنبية، والمراد بالأخت هنا الأخت في الدِّين، يوضِّح هذا ما رواه ابن حبَّان من طريق ابن أبي كثير، عن أبي هريرة ☺ بلفظ: ((لا تسألُ المرأةُ طلاق أختها لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَها، فإنَّ المسلمةَ أختُ المسلمة)).