نجاح القاري لصحيح البخاري

باب اتخاذ السراري، ومن أعتق جاريته ثم تزوجها

          ░13▒ (بابُ اتِّخَاذِ السَّرَارِيِّ) أي: اقْتِنَائِها، والسَّراري جَمْعُ سُرِّيَّة، بضم السين وتشديد الراء المكسورة وتحتانية ثقيلة وقد تكسر السين أيضًا؛ وهي: الأمة المتَّخَذَةُ للوَطءِ؛ سمِّيت بذلك / لأنَّها مشتقَّة من التَّسرر من السر، وهو النِّكاح (1) ويقال له: الاستسرار أيضًا، وأُطْلِقَ عليه ذلك لأنَّه في الغالب يُكْتَم. قال في «القاموس» السِّر، بالكسر: ما يُكْتَمُ كالسَّريرة، والجَمْع: أسرار وسرائر، والجِمَاع والذَّكر والنِّكاح والإفصاح به والزِّنا وفرج المرأة. انتهى.
          فأُبْدِلَتْ إحدى الراءات ياء، وإنما ضُمَّت سينُها جريًا على المعتادِ من تغيير النَّسب كما قالوا في النِّسبة إلى الدَّهر: دَهْري، وإلى السَّهل: سهلي. وعن الأصمعي: أنَّها مشتقَّة من السرور، وقيل: إنَّ أصلَها الياء من السريِّ بمعنى النَّفيس، والأوَّل أشهر، وقد وَرَدَ الأمرُ باقتناء السَّراري صريحًا في حديث أبي الدَّرداء ☺ مرفوعًا: ((عليكم بالسَّراري فإنهنَّ مباركاتُ الأرحام)). أخرجه الطَّبراني وإسناد واهٍ. ولأحمد من حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص ☻ مرفوعًا: ((انْكِحُوا أمَّهاتِ الأولاد، فإنما أُبَاهي بكم يوم القيامة)) وإسنادُه أصلحُ من الأوَّل، لكنَّه ليس بصريحٍ في التَّسري.
          وروى أبو داود في «مراسيله» عن الزُّبير بن سعيد الهاشمي، عن أشياخه، قال: ((عليكم بأمَّهات الأولاد، فإنهنَّ مباركاتُ الأرحام))، وفي رواية: ((عليكم بالسَّرَاري)). وفي كتاب أبي العبَّاس قال: قال عمرُ بن الخطاب ☺: ((ليس قوم أكيس من أولاد السَّراري؛ لأنَّهم يجمعون عزَّ العرب ورقَّة العجمِ)) يريد إذا كنَّ من العجم.
          (وَمَنْ) أي: وثواب من (أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) عَطَفَ هذا الحكمَ على اتِّخاذ السَّراري؛ لأنَّه قد يقع بعد التَّسري وقد يقعُ قبْله، وأوَّلُ أحاديث الباب مُنْطَبِقٌ على هذا الشق الثاني.


[1] في هامش الأصل: أي: هو من أسماء الجماع. منه.