نجاح القاري لصحيح البخاري

باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام

          ░6▒ (بابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ) وهو الَّذي ليس معه شيءٌ من المال (الَّذِي مَعَهُ الْقُرْآنُ) يعني: يحفظ شيئًا من القرآن (وَالإِسْلاَمُ) قال ابن بطَّال: دلَّ هذا على أنَّ الكفاءة إنَّما هي في الدِّين لا في المال، وقد نبَّه بهذه الترجمة على جواز ذلك؛ أخذًا بما وقع من حال ذلك الرَّجل الذي قال له النَّبي صلعم : ((التمسْ ولو خاتمًا من حديد)) فلم يجدْ، وزوَّجه بما معه من القرآن، وتحقيقُه مبسوطٌ في الفروع.
          (فِيهِ) أي: في هذا الباب (سَهْلٌ) وفي رواية أبي ذرٍّ والأَصيلي وابن عساكر: <سهل بن سعد>؛ أي: السَّاعدي الأنصاري ☺؛ أي: حديثه (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) وقد سبقَ موصولًا في باب القراءة عن ظهرِ القلب [خ¦5030] في قصَّة الواهبة نفسها قوله صلعم للرَّجل الذي قال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوِّجْنِيها: ((اذهبْ إلى أهلك فانظرْ هل تجد شيئًا))، فذهبَ ثمَّ رجع، فقال: لا والله يا رسولَ الله ولا خاتمًا من حديد.
          وقوله ╕: ((ماذا معك من القرآن؟)) قال: معي سورة كذا وكذا عَدَّها قال: ((أتقرأهنَّ عن ظهرِ قلبك؟)) قال: نعم قال: ((اذهبْ فقد ملَّكْتُكَها بما معكَ من القرآن)).
          قال الكِرماني: لم يَسُقْ حديثَ سَهْلٍ هنا؛ لأنَّه ساقه قبلُ وبعدُ فاكتفى بذكرهِ، أو لأنَّ شيخَه لم يروهِ له في سياق هذه الترجمة. انتهى.
          وتعقَّبه الحافظُ العسقلاني: بأنَّ الثاني بعيدٌ جدًا ولم أجدْ من قال: إنَّ البخاري يتقيَّد في تراجم كتابه بما يترجم به مشايخه، بل الَّذي صرَّح به الجمهور أنَّ غالب تراجمهِ من تصرُّفه، فلا وجه لهذا الاحتمال، ولقد لهجَ به الكِرمانيُّ في مواضع، وليس بشيءٍ. انتهى.