نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها

          ░41▒ (باب لاَ يُنْكِحُ) بضم التحتية وكسر الكاف، من الإِنكاح (الأَبُ) بالرفع فاعله (وَغَيْرُهُ) عطف عليه؛ أي: وغير الأب من الأولياء (الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ) منصوبٌ على المفعولية (إِلاَّ بِرِضَاها) في هذه الترجمة أربع صور: تزويج الأب البكر، وتزويج الأب الثَّيب، وتزويجُ غير الأبِ البكر، وتزويجُ غير الأب الثَّيب، وإذا اعتبرت الصِّغر والكبر زادت الصُّور. فالثَّيب البالغ لا يزوِّجها الأب ولا غيره إلَّا برضاها اتِّفاقًا إلَّا من شذَّ. والبكرُ الصَّغيرة يزوِّجها أبوها اتِّفاقًا إلَّا من شذ أيضًا. والثَّيب غير البالغِ اختلف فيها، فقال مالك وأبو حنيفة: يزوِّجها أبوها كما يزوج البكر. وقال الشَّافعي وأبو يوسف ومحمد: لا يزوِّجها إذا زالت البكارةُ بالوطء لا بغيرهِ، والعلَّة عندهم أنَّ إزالة البكارة تزيلُ الحياء الذي في البكر. والبكرُ البالغ يزوِّجها أبوها، وكذا غيره من الأولياء، واختلف في استيمارها. والحديث دالٌّ على أنَّها لا إجبار للأب عليها / إذا امتنعتْ، وحكاه التِّرمذي عن أكثر أهل العلم، وقد ألحق الشَّافعي الجدَّ بالأب، وقال أبو حنيفة والأوزاعيُّ في الثَّيب الصَّغيرة: يزوِّجها كلُّ ولي فإذا بلغتْ ثبت لها الخيار. وقال أحمدُ: إذا بلغت تسعًا جاز للأولياء غير الأب نِكَاحَها كأنَّه أقام المظنَّة مقام المئنَّه. وعن مالك: يلتحقُ بالأب في ذلك وصي الأب دون بقيَّة الأولياء؛ لأنَّه أقامه مقامَه. ثم إنَّ الترجمة معقودةٌ لاشتراط رضى المزوجة بكرًا كانت أو ثيبًا، صغيرة كانت أو كبيرة، وهو الذي يقتضيهِ ظاهر الحديث، لكن يستثنى الصَّغيرة من حيث المعنى؛ لأنَّها لا عبارة لها.