نجاح القاري لصحيح البخاري

باب تزويج المعسر

          ░14▒ (بابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ) استدل عليه بقوله: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ}) من المال ({يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}) ومحصِّله: أنَّ الفقر في الحال لا يمنع التَّزوجَ لاحتمال حصولِ المال في المآل. وعن عليِّ بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاس ☻ أنَّه قال: ((رغَّبهم الله تعالى في التَّزويج، وأمرَ به الأحرار والعبيد؛ يعني في قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} ووعدَهُم عليه بالغنى فقال: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32])) رواه ابنُ أبي حاتم. وعن ابنِ مسعود ☺ أنَّه قال: ((التمسوا الرِّزق في النِّكاح يقول الله ╡: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32])) رواه ابنُ جرير، وذكر البغويُّ عن عمر ☺ مِثْلَه.
          وفي حديث أبي هريرة ☺ عند أحمد / والتِّرمذيِّ والنَّسائي وابن ماجه قال رسول الله صلعم : ((ثلاثةٌ حقٌّ على الله عونَهُم: النَّاكح يريدُ العفاف)) الحديث.
          وقال في ((مصابيح الجامع)): وظاهرُ الآيةِ وَعْدُ كُلِّ فَقِيرٍ تَزَوَّجَ بالغِنَى، وَوَعْدُ الله حقٌّ واجبٌ، فإذا رأينا فقيرًا تزوَّج ولم يستغن فليس ذلك لإخلاف الوعدِ، ولكن لإخلاله هنا بالقصدِ؛ لأنَّ الله تعالى إنما وعدَ على حُسْنِ القَصْدِ، فمن لم يسْتَغْنِ فلْيَرْجِعْ باللَّوم على نَفْسِه.
          قال ابنُ كثير: والمعهودُ من كَرَمِ الله ولُطْفهِ رِزْقُه إيَّاهما بما فيه كفاية له ولها، وأمَّا حديث: ((تزوَّجوا فقراء يغنكم الله)) فلا أصلَ له، ولم يُرْوَ بإسنادٍ قويٍّ ولا ضعيفٍ، وفي القرآن غنيةٌ عنه.