التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب دفع السواك إلى الأكبر

          ░74▒ بَابُ دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الأَكْبَر.
          246- وَقَالَ عَفَّانُ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: (أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِي رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ مِنْهُمَا). قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ.
          أمَّا حديثُ عفَّان فعلَّقَهُ البُخاريُّ هنا، وأخرجَه مسلمٌ في الرُّؤيا وفي آخِرِ الكِتابِ عن نَصْرِ بنِ عليٍّ عن أبيه عن صخْرٍ، وأخرجه الإسماعيليُّ مِن حديثِ وهبِ بن جريرٍ وشُعَيبِ بن حربٍ قالا: حدَّثنا صخرٌ به، وأخرجه أبو نُعَيمٍ عن أبي أحمدَ حدَّثَنا موسى بنُ العبَّاسِ الجُوينيُّ حدَّثَنا محمَّدُ بن يَحيى حدَّثَنا عفَّانُ، وحدَّثَنا أبو إسحاقَ بن حمزة حدَّثنا عبد الله بنُ قَحْطَبة حدَّثنا نَصْرُ بن عليٍّ حدَّثَنا أبي قالا: حدَّثنا صَخْرٌ به.
          وأمَّا حديثُ نُعيمٍ فرَواهُ الإسماعيلِيُّ عن القاسمِ بنِ زَكَرِيَّا حدَّثنا الحَسَنُ بن عيسى حدَّثَنا / ابنُ المبارَكِ ولفْظُهُ: كانَ صلعم يَسْتَنُّ، فأعطاهُ أكبَرَ القَوْمِ، وقال: ((أَمَرَنِي جِبْرِيلُ أَنْ أُكَبِّر)) قال: وحدَّثنا الحسَنُ حدَّثَنا حبَّان أخبرنا ابنُ المبارَكِ، وفيه قال: ((إنَّ جِبْرِيلَ أَمَرنِي أَنْ أَدْفَعَ إلى أَكْبَرِهِم)).
          إذا عرفت ذلك فَـ(عَفَّانُ) وهو ابنُ مسلمٍ الصفَّارُ شيخُ البُخاريِّ في الأصولِ، وهو حافظٌ مِن حُكَّام الجرْحِ والتَّعديلِ، ماتَ سنةَ عشرينَ ومئتينِ. و(نُعَيْمٌ) هو ابنُ حمَّادٍ الخزاعيُّ الحافِظُ الأعورُ ذو التَّصانيفِ، قَرَنَهُ البُخاريُّ بغيرِه وهو مختلفٌ فيه، امتُحِنَ وقُيِّدَ فماتَ بسامِرَّاءَ محبوسًا سنةَ تسعٍ وعشرين ومئتين. و(صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ) تابعيٌّ.
          والحديثُ ظاهرٌ لِمَا تَرجَمَ له، وهو تقديمُ ذَوِي السِّنِّ في السِّواكِ، وكذا ينبغي تقديمُ ذَوِي السِّنِّ في الطَّعامِ والشَّرابِ والكلامِ والمشيِ والكِتابِ وكلِّ منزِلَةٍ، قياسًا على السِّواكِ واستدلالًا مِن قولِه صلعم لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ: ((كَبِّرْ كَبِّرْ)) يريدُ لِيَتَكَلَّمِ الأكبرُ، وهذا مِن بابِ أَدَبِ الإسلامِ. وقال المهلَّبُ: تقديمُ ذوي السِّنِّ أَوْلَى في كلِّ شَيْءٍ ما لم يترتَّبِ القومُ في الجُلوسِ، فإذا ترتَّبُوا فالسُّنَّةُ تقديمُ الأيمنِ فالأيمنِ مِنَ الرَّئيسِ أو العالِمِ على ما جاء في حديثِ شُرْبِ اللَّبَنِ. وفيه أيضًا فَضْلُ السِّواكِ.