-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
باب ما جاء في الوضوء
-
باب لا تقبل صلاة بغير طهور
-
باب فضل الوضوء والغر المحجلون من آثار الوضوء
-
باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن
-
باب التخفيف في الوضوء
-
باب إسباغ الوضوء
-
باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة
-
باب التسمية على كل حال وعند الوقاع
-
باب ما يقول عند الخلاء
-
باب وضع الماء عند الخلاء
-
باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول إلا عند البناء جدار أو نحوه
-
باب من تبرز على لبنتين
-
باب خروج النساء إلى البراز
-
باب التبرز في البيوت
-
باب الاستنجاء بالماء
-
باب من حمل معه الماء لطهوره
-
باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء
-
باب النهي عن الاستنجاء باليمين
-
بابٌ: لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال
-
باب الاستنجاء بالحجارة
-
باب لا يستنجي بروث
-
باب الوضوء مرة مرة
-
باب الوضوء مرتين مرتين
-
باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا
-
باب الاستنثار في الوضوء
-
باب الاستجمار وترًا
-
باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين
-
باب المضمضة في الوضوء
-
باب غسل الأعقاب
-
باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين
-
باب التيمن في الوضوء والغسل
-
باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة
-
باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان
-
باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين
-
باب الرجل يوضئ صاحبه
-
باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره
-
باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل
-
باب مسح الرأس كله
-
باب غسل الرجلين إلى الكعبين
-
باب استعمال فضل وضوء الناس
-
باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة
-
باب مسح الرأس مرة
-
باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة
-
باب صب النبي وضوءه على المغمى عليه
-
باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة
-
باب الوضوء من التور
-
باب الوضوء بالمد
-
باب المسح على الخفين
-
باب: إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان
-
باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق
-
باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ
-
باب: هل يمضمض من اللبن
-
باب الوضوء من النوم
-
باب الوضوء من غير حدث
-
باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله
-
باب ما جاء في غسل البول
-
باب
-
باب ترك النبيِّ والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله فِي المسجد
-
باب صب الماء على البول في المسجد
-
باب بول الصبيان
-
باب البول قائِمًا وقاعدًا
-
باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط
-
باب غسل الدم
-
باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة
-
باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها
-
باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء
-
باب الماء الدائم
-
باب إذا ألقى على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته
-
باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب
-
باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر
-
باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه
-
باب السواك
-
باب دفع السواك إلى الأكبر
-
باب فضل من بات على الوضوء
-
باب ما جاء في الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░20▒ بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالحِجَارَةِ.
155- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو المَكِّيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتْبَعْتُ النَّبِيَّ صلعم، وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَكَانَ لَا يَلْتَفِتُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: (أَبْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا _أَوْ نَحْوَهُ_ وَلاَ تَأْتِنِي بِعَظْمٍ، وَلاَ رَوْثٍ) فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ بِطَرَفِ ثِيَابِي، فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ، وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَضَى أَتْبَعَهُ بِهِنَّ.
الكلامُ عليه مِن أوجُهٍ:
أحدُها: هذا الحديثُ مِن أفرادِ البُخاريِّ وذَكَرَهُ في ذِكْرِ الجِنِّ مطوَّلًا [خ¦3860] وأخرجَ مسلمٌ نحوَه وكذا النَّسائيُّ وابنُ ماجه.
ثانِيها: في التَّعريفِ بِرُواتِه:
أمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فسَلَفَ، وأمَّا جَدُّ عَمْرٍو فهو سعيدُ بنُ عمرِو بنِ سعيدِ بنِ العاصي بنِ أبي أُحَيْحَة التَّابعيُّ الكوفيُّ الثِّقَةُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ وغيرِه، وعنه ابناهُ إسحاقُ وخالدٌ وحفيدُه عمرُو بنُ يَحيى، أخرجوا له خلا التِّرمِذِيِّ. وحفيدُه (عَمْرُو) قرشيٌّ مكِّيٌّ صالحٌ رَوَى عن أبيهِ وجدِّه وعنه سويدٌ وغيرُه، رَوَى له مع البُخاريِّ ابنُ ماجه فقطْ.
وأمَّا (أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ) فهو أبو الوليدُ الغسَّانيُّ الأزرقيُّ المكِّيُّ الثِّقَةُ، / عنه البُخاريُّ _وحفيدُه مؤرخُ مكَّةَ محمَّدُ بن عبدِ الله_ وأبو جعفر التِّرمِذِيُّ وطائفةٌ، ورَوَى عن مالكٍ وغيرِه، ماتَ سنةَ اثنتينِ وعشرين ومئتين.
ثالثُها: في ألفاظِه:
معنى (أَتْبَعْتُ) لَحِقْتُ، وهو رُباعيٌّ، يُقال أَتْبَعْتَه إذا سبقَكَ فلحقتَه، وتَبِعْتَهُ واتَّبَعْتَهُ إذا مَشَيْتَ خَلْفَهُ أو مَرَّ بِكَ فمضيتَ معه، كذا قالَه ابنُ التِّينِ في «شرْحِه» وقال: يحتمل الحديثُ الوجهينِ. وتَبِعَهُ شيخُنا قُطبُ الدِّينِ في «شرْحِه» وهذا ما حكاه ابن سِيدَه بعدَ أنْ قرَّر أنَّ معنَى تَبِعَهُ واتَّبَعَهُ وأَتْبَعَه قَفَّاهُ، قال: وفي التَّنزيلِ {ثُمَّ اتَّبَعَ سَبَبًا} [الكهف:89] ومعنَاهَا تَبِعَ، وقرأَ أبو عمْرٍو {ثُمَّ أَتْبَعَ} أي لَحِقَ وأدرَكَ، كذا حكاهُ عنه، وحكى القزَّازُ عن الكِسائيِّ أنَّه كان يقرأُ: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} يريدُ لَحِقَ وأدرَكَ، وحَكَى قَبْلَهُ عن أبي عمرٍو أنَّه قرأ: {ثُمَّ اتَّبَعَ سَبَبًا}.
وقال ابنُ طريفٍ في «أفعالِه»: المشهورُ تَبِعْتُهُ سِرْتُ في أَثَرِه، وأتْبعْتُهُ لحِقْتُهُ، وكذلِك فُسِّرَ في التَّنزيلِ: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} [الشعراء:60]أي لحِقُوهُم. وقال الجوهريُّ: تَبِعْتَ القومَ إذا مشيتَ أو مرَّ بكَ فمضيتَ معهم، وقال الأخفشُ: تَبِعْتُه وأَتْبَعْتُه بمعنًى.
قولُه: (وَكَانَ لَا يَلْتَفِتُ) هذه كانتْ عادةَ مشْيِه عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسلامِ.
وقولُه: (فَدَنَوْتُ مِنْهُ) أي لأستأنِسَ به وأنظُرَ حاجَتَهُ، وقد جاء في روايةٍ: فدنوتُ منه استأنِسُ وأتنَحْنَحُ فقال: ((مَنْ هَذَا؟)) فقلتُ: أبو هُريرةَ.
وقولُه: (ابْغِنِي أَحْجَارًا) قال ابنُ التِّينِ: رُوِيَناه بالوصْلِ، قال الخطَّابيُّ: معناه اطلُبْ لي، فإذا قطعْتَ الألِفَ فمعناهُ أَعِنِّي على الطَّلَبِ. وقال الخطَّابيُّ: معناه اطلُبْ لي، مِن قولِكَ: بغيتُ الشَّيءَ طلَبْتُه وبغيتُكَ الشَّيءَ طلبْتُه لَكَ، وأبْغَيتُكَ الشَّيءَ: جعلتُكَ طالبًا له، قالَ تعالى: {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} [التوبة:47] أي يبغونَها لكُم.
وقولُه: (أَسْتَنْفِضْ بِهَا) أي أَستَنْجِي، وهو مأخوذٌ مِن النَّفْضِ لأنَّ المستنْجِي ينفُضُ عن نفسِه أذَى الحَدَثِ والاستمرار. قال القزَّاز: كذا رُوِيَ هذا الحرْفُ كأنَّه استفعَلَ مِن النَّفضِ وهذا موضعُ أستَنْظِفُ، أي: أُنظِّفُ نفسي بها ولكنْ هكذا رُوِيَ.
وقولُه: (أَوْ نَحْوَهُ) الظَّاهرُ أنَّه أرادَ أوْ نحوَ هذا مِن الكلامِ.
وقولُه: (بِطَرَفِ ثِيَابِي) جاء في «صحيحِ الإسماعيليِّ»: في طَرَفِ مُلَائِي.
رابعُها: في فوائدِه:
الأُولَى: جوازُ الاستنجاءِ بالأحجارِ، وقد سَلَفَ ما فيه في باب الاستنجاء بالماء.
الثَّانيةُ: مشروعيَّةُ الاستنجاءِ، وقد اختُلِفَ في وجوبِه على قولين:
أحدُهما: أنَّه واجبٌ وشرْطٌ في صِحَّةِ الصَّلاةِ، وبه قال الشَّافِعِيُّ وأحمدُ وأبو ثورٍ وإسحاقُ وداودُ وجُمهور العلماِء ومالكٌ في روايةٍ.
وثانيهِما: أنَّه سُنَّةٌ، وهو قولُ أبي حنيفةَ وروايةٌ عن مالكٍ وَحُكِيَ عن المزَنِيِّ أيضًا، وجَعَلَ أبو حنيفةَ هذا أصلًا للنَّجاسةِ، فما كان منها قَدْرَ دِرْهَمٍ بَغْلِيٍّ عُفِيَ عنه وإنْ زادَ فلا، وكذا عندَهُ في الاستنجاءِ إنْ زادَ الخارجُ على درهمٍ وجَبَ وتعيَّن الماءُ ولا يُجزئه الحَجَرُ، ولا يجِبُ عندَه الاستنجاءُ بالحَجَرِ، واحتجُّوا بحديثِ أبي هُريرة المرويِّ في «سننِ أبي داود وابن ماجه»: ((مَن اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ)) ولأنَّها نجاسةٌ لا تجِبُ إزالةُ أثَرِهَا فكذا عينها كَدَمِ البراغيثِ، ولأنَّه لا يجب إزالتُها بالماءِ فلمْ يجِبْ بغيرِه. قال المزَنيُّ: ولأنَّا أجمعْنا على جوازِ مسِحْها بالحَجَرِ فلم تجِبْ إزالتُها كالْمَنِيِّ.
واحتجَّ أصحابُنا بحديثِ أبي هُريرةَ أيضًا الثَّابتِ: ((وَلْيَسْتَنْجِ بثلاثَةِ أَحْجَارٍ)) رواه الشَّافعيُّ وقال: إنَّه حديثٌ ثابتٌ، ورواه الأربعةُ خلا الترمذيِّ، وبحديثِ سلمانَ الثَّابتِ في «صحيح مسلمٍ»: ((نَهَانا رَسُولُ اللهِ صلعم أنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ)).
وبحديثِ عائشةَ الثَّابِتِ في «مسندِ أحمد» و«سنن أبي داود وابن ماجه»: أنَّ رسول الله صلعم قال: ((إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ، فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ)) قال الدَّارقطنيُّ بعْدَ أنْ أخرَجَهُ: إسنادُه حسَنٌ صحيحٌ.
ومنها حديثُ خُزيمةَ: سُئِلَ رسولُ الله صلعم عن الاستطابةِ، فقال: ((بثلاثةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ)) رواه أبو داودَ واللَّفظُ له وابنُ ماجه، وفي البابِ عن جابرٍ في مسلمٍ والسائبِ وأبي أيُّوبَ عندَ ابنِ عبدِ البَرِّ وأنسٍ عند البَيْهقيِّ وسهْلٍ وابنِ عبَّاسٍ عندَ الدَّارَقُطنيِّ وحسَّنَ الأَوَّلَ.
واحتجَّ أصحابُنا أيضًا بحديثِ ابنِ عبَّاسٍ الآتي: ((أَمَّا أَحَدُهُما فَكَانَ لا يَسْتَبْرِئُ مِن البَولِ)) [خ¦218] وفي الاستدلالِ به وقفةٌ، ولأنَّه نجاسةٌ لا تلحَقُ المشقَّةُ في إزالتِها غالبًا فلمْ تَصِحَّ الصَّلاةُ دونه.
والجوابُ عن حديثِهم بأنَّ في إسنادِه مقالًا، ولئنْ سلَّمنا حُسْنَهُ فالمرادُ لا حرج في ترْكِ الإيتارِ أي الزَّائِدِ على ثلاثةِ أحجارٍ جمعًا بينَه وبين باقي الأحاديثِ كحديثِ سلمانَ وغيرِه. وعنْ قياسِهم على دَمِ البراغيثِ عِظَمُ المشقَّةِ بخلافِ أصْلِ الاستنجاءِ، ولهذا تظاهرَتِ الأحاديثُ الصَّحيحةُ على الأمْرِ بالاستنجاءِ ولم يَرِدْ خبرٌ بإزالةِ دَمِ البراغيثِ. وقياسُ غيرِ الْمَنِيِّ على الْمَنِيِّ لا يصحُّ لِطهارتِه ونجاسةِ غيرِه.
الفائدةُ الثَّالثةُ: لا يتعيَّنُ الحجَرُ للاستنجاءِ بل يقومُ مَقامَهُ كلُّ جامدٍ طاهرٍ قالعٍ غيرِ محترمٍ، وبه قال العلماءُ كافَّةً إلَّا ما حُكِيَ عن داودَ مِن تعيُّنِه وأنَّ غيرَه لا يجوزُ، وإنْ أنكرَ القاضي أبو الطَّيِّبِ حكايتَه عنه وقال: إنَّ مذهبَه كمذهبِ الكافَّةِ.
حُجَّة الكافَّةِ نهْيُه صلعم عن الرَّوْثِ والعَظْمِ، وهو دالٌّ على عدَمِ تعيُّنِه وأنَّ غيرَه يقومُ مَقامَهُ، وإلَّا لم يكنْ لتخصيصِهِما بالنَّهيِ معنًى، وأمَّا تنصيصُه صلعم على الأحجارِ فلِكونِها الغالِبُ المتيسِّرُ وجودُها بلا مشقَّةٍ فيها ولا كُلْفَة في تَحصيلِها، وَمَنَعَه أصبغُ في الخِرَقِ واللَّحْمِ ونحوِهِما ممَّا هو طاهِرٌ ولا حُرمَةَ له ولا هو مِن أنواعِ الأرضِ وقال: يُعيدُ إنْ فَعَلَ في الوقتِ.
الرَّابعةُ: أنَّه لا يجوزُ الاستنجاءُ بنَجَسٍ، وهو مذهبُ الجُمهور، وجْهُ الاستنباطِ منه أنَّه نبَّهَ بالرَّوثِ على جِنْسِ النَّجَسِ، وجوَّزهُ أبو حنيفةَ بالرَّوْثِ، وحكاهُ ابنُ وهْبٍ عن مالكٍ، وحديثُ البابِ وغيرُه مِن الأحاديثِ الصَّحيحةِ يردُّ عليهِما.
الخامسةُ: أنَّه لا يجوزُ الاستنجاءُ بعظمٍ وبه قال الشَّافعيُّ وأحمدُ وداودُ، وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ: يصحُّ الاستنجاءُ به، / وقال بعضُ الشَّافعيَّةِ: إنَّه يجزئه إنْ كانَ طاهرًا لا زُهُومَةَ عليه لِحُصولِ المقصودِ. حُجَّة الأوَّلينَ أنَّه رُخصةٌ فلا تَحصُلُ بِحَرامٍ.
فَرْعٌ: لو أحرقَ العَظْمَ الطَّاهرَ بالنَّارِ وخرَجَ عن حالِ العَظْمِ فوجهانِ حكاهُما الماوردِيُّ مِن أصحابِنا:
أحدُهما: يجوزُ الاسنتجاءُ به لأنَّ النَّارَ أحالتْهُ، والثَّاني: لا لِعمومِ النَّهيِ عن الرِّمَّة وهِيَ العظمُ البالي ولا فرْقَ بينَ البِلَى بالنَّارِ أو بمرورِ الزَّمَانِ، وهذا أصحُّ.
فائدةٌ: الحكمةُ في النَّهيِ عن الاستنجاء بالعَظْمِ أنَّه زَادُ إخوانِنَا مِن الجِنِّ كما أخرجهُ مسلمٌ في «صحيحِه» مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ: ((لا تَسْتَنْجُوا بالعِظْمِ والبَعْرِ فإنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُم مِن الجِنِّ)) وقد أخرجه البُخاريُّ في «صحيحِه» في أثناءِ المناقبِ مِن حديثِ أبي هُريرةَ، ولفْظُه: فلمَّا فَرَغ فقلتُ: ما بَالُ العَظْمِ والرَّوثِ؟ فقال: ((هُمَا مِن طَعَام الجنِّ، وإنَّهُ أتاني وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ _وَنِعْمَ الجنُّ_ يَسْأَلُوني الزَّادَ فَدَعْوتُ اللهَ لَهُم لا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ ولا رَوْثَةٍ إلَّا وَجَدُوا عليها طَعَامًا)) [خ¦3860].
قلتُ: وقد يأكلُه بعضُ النَّاسِ للضَّرُورةِ، وقيل: نَهَى عنه لأنَّه لَزِجٌ لا يكادُ يتماسَكُ فيُزيلُ الأذى إزالةً تامَّةً. والحكمةُ في النَّهي عن الرَّوثِ ما ذكرناه أيضًا ومرَّ بي أنَّه زادٌ لِدَوابِّهِم، وقيل: لأنَّه يَزيدُ في نجاسةِ الموضعِ لأنَّه يَمُدُّ النَّجَاسةَ ولا يُزيلها.
السَّادسةُ: أنَّه لا يجوزُ الاستنجاءُ بجميعِ المطعوماتِ فإنَّه ◙ نبَّهَ بالعَظْمِ على ذلك، ويلتَحِقُ بها المحترماتُ كأجزاِء الحيوانِ وأوْراقِ كُتُبِ العلمِ وغيرِ ذلكَ.
السَّابعةُ: إعدادُ الأحجارِ للاستنجاءِ لئلَّا يحتاجَ إلى طلبها بعدَ قيامِه فلا يأمَنَ التَّلويثَ.