-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
باب ما جاء في الوضوء
-
باب لا تقبل صلاة بغير طهور
-
باب فضل الوضوء والغر المحجلون من آثار الوضوء
-
باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن
-
باب التخفيف في الوضوء
-
باب إسباغ الوضوء
-
باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة
-
باب التسمية على كل حال وعند الوقاع
-
باب ما يقول عند الخلاء
-
باب وضع الماء عند الخلاء
-
باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول إلا عند البناء جدار أو نحوه
-
باب من تبرز على لبنتين
-
باب خروج النساء إلى البراز
-
باب التبرز في البيوت
-
باب الاستنجاء بالماء
-
باب من حمل معه الماء لطهوره
-
باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء
-
باب النهي عن الاستنجاء باليمين
-
بابٌ: لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال
-
باب الاستنجاء بالحجارة
-
باب لا يستنجي بروث
-
باب الوضوء مرة مرة
-
باب الوضوء مرتين مرتين
-
باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا
-
باب الاستنثار في الوضوء
-
باب الاستجمار وترًا
-
باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين
-
باب المضمضة في الوضوء
-
باب غسل الأعقاب
-
باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين
-
باب التيمن في الوضوء والغسل
-
باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة
-
باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان
-
باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين
-
باب الرجل يوضئ صاحبه
-
باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره
-
باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل
-
باب مسح الرأس كله
-
باب غسل الرجلين إلى الكعبين
-
باب استعمال فضل وضوء الناس
-
باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة
-
باب مسح الرأس مرة
-
باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة
-
باب صب النبي وضوءه على المغمى عليه
-
باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة
-
باب الوضوء من التور
-
باب الوضوء بالمد
-
باب المسح على الخفين
-
باب: إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان
-
باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق
-
باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ
-
باب: هل يمضمض من اللبن
-
باب الوضوء من النوم
-
باب الوضوء من غير حدث
-
باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله
-
باب ما جاء في غسل البول
-
باب
-
باب ترك النبيِّ والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله فِي المسجد
-
باب صب الماء على البول في المسجد
-
باب بول الصبيان
-
باب البول قائِمًا وقاعدًا
-
باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط
-
باب غسل الدم
-
باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة
-
باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها
-
باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء
-
باب الماء الدائم
-
باب إذا ألقى على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته
-
باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب
-
باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر
-
باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه
-
باب السواك
-
باب دفع السواك إلى الأكبر
-
باب فضل من بات على الوضوء
-
باب ما جاء في الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░21▒ بَابٌ: لَا يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ.
156- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ، وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: أَتَى النَّبِيُّ صلعم الغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: (هَذَا رِكْسٌ) وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
الكلامُ عليه مِن أوجهٍ:
أحدُها: هذا الحديثُ مِن أفرادِ البُخاريِّ لم يخرِّجه مسلمٌ، وأخرجه النَّسائيُّ وابنُ ماجه.
ثانِيها: هذا التَّبويبُ في بعضِ النُّسَخِ وفي بعضِها حَذْفُهُ وَذِكْرُ هذا الحديثِ مع حديثِ أبي هُريرةَ.
وقولُه: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ) إلى آخِرِهِ، هو ثابتٌ في بعضِ النُّسَخِ، وذَكَرَهُ أبو مسعودٍ وخلفٌ وغيرُهما عن البُخاريِّ.
ثالثُها: في التَّعريفِ بِرُواتِه:
أمَّا عبدُ الله والأسودُ فسلَفَا، وكذا أَبُو نُعَيْمٍ وزُهَيْرٌ وأَبُو إِسْحَاقَ.
وأما (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ) فهو أبو حفصٍ النَّخَعيُّ كوفيٌّ عالمٌ عاملٌ، رَوَى عن أبيه وعائشةَ، وعنه الأعمشُ وغيرُه، ماتَ سنةَ تسعٍ وتسعين.
فائدةٌ: في البُخاريِّ أيضًا عبدُ الرَّحمنِ بنُ الأسْودِ بنِ عبدِ يَغُوثَ، زُهرِيٌّ تابعيٌّ، وليسَ فيه غيرُهما، ووقعَ في كتابِ الدَّاوديِّ وابنِ التِّينِ أنَّ عبدَ الرَّحمنِ الواقِعَ في روايةِ البُخاريِّ هو ابنُ عبدِ يغَوثَ، وهو وَهْمٌ منهما فاجتنبْهُ.
فائدةٌ: مِن شيوخِ التِّرمذيِّ والنَّسائيِّ عبدُ الرَّحمن بنُ الأسودِ الورَّاقُ وليسَ في هذه الكُتُبِ عبدُ الرَّحمنِ بن الأسودِ غيرُ هؤلاءِ.
وأمَّا (أَبُو عُبَيْدَةَ) فهو عامرُ بنُ عبدِ الله بنِ مسعودٍ، وقيل اسمُه كُنيتُه، وفي التِّرمذِيِّ هنا أنَّه لا يُعرَفُ اسمُه، وحكاهُ في «علله» عن البُخاريِّ. وما ذكرْتُهُ مِن اسمِه صرَّح به مسلمٌ في «كُناه» وابنُ حِبَّانَ في «ثقاتِه» وأبو أحمد في «كُناه» وغيرُهم. وهو هُذَليٌّ كوفيٌّ أخو عبدِ الرَّحمن، وكان يفضَّلُ عليه كما قاله أحمدُ، حدَّثَ عن عائشةِ وغيرِها، وحدَّثَ عن أبيه في السُّننِ وعنه السَّبيعِيُّ وغيرُه، ماتَ ليلةَ دُجَيل.
ذَكَرَ أبو داودَ حديثًا فيه أنَّ شُعبةَ قال: كان أبو عبيدةَ يومَ ماتَ أبوه ابنَ سبعِ سنين، وفي «شرح ابن التين» ابنَ خمس سنين، وأنَّه لم يسمع منه شيئًا. قال: وأخوه عبدُ الرَّحمنِ سمعَ مِن أبيه حديثًا واحدًا: ((محرِّمُ الحَلَال كمُحَلِّلِ الحَرَام)) وصرَّح أبو حاتمٍ وغيرُه بأنَّ أبا عبيدةَ لم يسمعْ مِن أبيه شيئًا.
ورَوَى شُعبة عن عمرِو بن مُرَّة قال: سألتُ أبا عُبيدةَ: هل تذكرُ مِن عبدِ الله شيئًا؟ قال: ما أذكُرُ منه شيئًا. وقد رَوَى عبدُ الواحدِ بنُ زيادٍ عن أبي مالكٍ الأشجعيِّ عن أبي عُبيدةَ قال: خَرَجْتُ مع أبي لِصَلاةِ الصُّبْحِ. فَضَعَّفَ أبو حاتِمٍ هذه الرِّوايةَ.
وفي «المعجَم الأوسطِ» للطَّبرانيِّ مِن حديثِ زِياد بن سعد عن أبي الزُّبير قال: حدَّثَني يونُس بنُ عتَّاب الكوفيُّ: سمعتُ أبا عُبيدةَ بنَ عبدِ الله يذكُرُ أنَّه سَمِعَ أباهُ يقولُ: كُنْتُ معَ النَّبيِّ صلعم في سَفَرٍ. الحديث. ولَمَّا خرَّج الحاكمُ في «مستدركه» حديثَ أبي إسحاقَ عن أبي عُبيدةَ عن أبيه في ذِكْرِ يوسُفَ ◙ صحَّحَ إسنادَه. وحسَّن التِّرمِذِيُّ عِدَّةَ أحاديثَ رواها عن أبيهِ مِنها: لَمَّا كانَ يومُ بدرٍ وجِيءَ بالأَسْرَى. ومنها: ((كانَ في الرَّكْعَتيَنِ الأُوَليينِ كَأنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ)) ومنها: قولُه: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله} [آل عمران:169].
فائدةٌ: هذا الإسنادُ كلُّه كوفيُّونَ، وفيه طُرْفَةٌ أُخرَى وهي رِوايةُ جماعةٍ مِن التَّابعينَ بعضِهم عن بعضٍ فمِن أبي إسحاقَ إلى عبدِ الله كلُّهم تابعيُّونَ.
وأمَّا (إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ) فهو سَبِيعِيٌّ همْدانيٌّ كوفيٌّ، رَوَى عن أبيه وجَدِّه وعنه أبو كُرَيْبٍ وجماعةٌ، فيه لِينٌ، ماتَ سنةَ ثمانٍ وسبعينَ ومئة، أخرجُوا له خَلا ابنِ ماجه. وأمَّا والِدُه (يُوسُفَ) فهو كُوفيٌّ حافظ، روى عن جدِّهِ والشَّعبيِّ، وعنه ابن عيينة وغيره، مات في زمن أبي جعفر.
الوجهُ الرَّابعُ: هذا الحديثُ مصرِّحٌ بأنَّ أبا إسحاقَ لمْ يأتِ فيه بسماعٍ وهو مُدَلِّسٌ، وقد ذَكَرَ الحاكمُ أبو عبدِ الله عن عليِّ بنِ المدينيِّ أنَّه قال: كان زُهيرٌ وإسرائيل يقولانِ عن أبي إسحاقَ أنَّه كان يقول: ليسَ أبو عبيدةَ حدَّثَنا ولكنْ عبدُ الرَّزَّاق، فذَكَرَ حديثَ الاستنجاء.
قال ابنُ الشَّاذَكُوْنِيِّ: ما سمعْتُ بتدليسٍ قطُّ أعجب مِن هذا ولا أخفَى، قال: أبو عبيدةَ لمْ يحدِّثْنِي، ولكنْ عبدُ الرَّحمنِ عن فلانٍ عن فلان، ولم يقل: حدَّثَنِي. فجازَ الحديثُ وسارَ. قُلتُ: بلْ قالَ حدَّثَنِي / كما رواهُ إبراهيمُ بنُ يوسُفَ عن أبيه عن أبي إسحاقَ عنه كما سلَفَ مِن عندِ البُخاريِّ. وقال أبو زُرْعَةَ فيما حكاهُ ابنُ أبي حاتمٍ: اختلفُوا في هذا الحديثِ والصَّحيحُ عندي حديثُ أبي عُبيدَةَ عن أبيه.
وزَعَمَ التِّرمذيُّ أن أصحَّ الرِّواياتِ عندَهُ حديثُ قيسِ بنِ الرَّبيعِ وإسرائيل عن أبي عُبيدةَ عن عبدِ الله، قال: لأنَّ إسرائيلَ أثبَتُ وأحفَظُ لحديثِ أبي إسحاقَ مِن هؤلاء وتابَعَهُ على ذلكَ قيسٌ، وزُهيرٌ عن أبي إسحاقَ ليس بذاك لأنَّ سماعَه منه بأَخَرةٍ. سمعْتُ أحمدَ بنَ الحسنِ سمعتُ أحمدَ بنَ حنبل يقولُ: إذا سمعْتَ الحديثَ عن زائدةَ وزُهيرٍ فلا تبالي ألَّا تسمَعَهُ مِن غيرهِما إلَّا حديثَ أبي إسحاق. ورواه زَكرِيَّا بنُ أبي زائدةَ عن أبي إسحاقَ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يزيدَ عن عبدِ الله، وهذا حديثٌ فيه اضطرابٌ.
قال: وسألْتُ الدَّارِمِيَّ أيُّ الرِّواياتِ في هذا أصحُّ عن أبي إسحاقَ؟ فلم يقْضِ فيه بشيْءٍ. قال: وسألتُ محمَّدَ بنَ إسماعيلَ عن هذا فلمْ يقْضِ فيه بشيْءٍ، وكأنَّه رأى حديثَ زُهَيرٍ أشبَهَ ووَضَعَهُ في «جامعِه» وأبو عُبيدةَ لم يسمَعْ مِن أبيهِ ولا يُعرَفُ اسمُه. هذا آخِرُ كلامِ التِّرمِذِيِّ. وقد أسلَفْنا الخُلْفَ في سماعِه منهُ ومعرِفَةِ اسمِه أيضًا، وزُهيرٌ لمْ ينفرِدْ به بل تابَعَهُ يوسُفُ بنُ إسحاقَ كما سلفَ مِن عندِ البُخاريِّ، وتابعهُ أيضًا أبو حمَّادٍ الحنفيُّ وأبو مريمَ وشريك وزكرِيَّا بنُ أبي زائدةَ فيما ذَكَرَهُ الدَّارَقُطنيُّ.
وقال الآجُرِّيُّ: سألتُ أبا داودَ عن زُهيرٍ وإسرائيلَ في أبي إسحاقَ فقالَ: زُهيرٌ فوقَ إسرائيلَ بكثيرٍ. قلتُ: وقد اختُلِفَ على إسرائيلَ أيضًا دونَ زُهيرٍ فرواهُ كرِوايَةِ زُهيرٍ ورواهُ عباد القَطَوانيُّ وخالد العبدُ عنه عن أبي إسحاقَ عن عَلقمة عن عبد الله. ورواهُ الحُمَيديُّ عن ابنِ عُيَيْنَةَ عنه عن أبي إسحاقَ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يزيد، ذَكَرَهُ الدَّارَقُطنيُّ، ومتابعةُ قَيْسٍ لا تُجدِي لِضعْفِهِ الواهي.
ورواه الدَّارَقُطنيُّ مِن حديثِ يونُسَ بنِ أبي إسحاقَ عن أبي عُبيدةَ وأبي الأحوصِ عن ابنِ مسعودٍ. ورواه ابنُ خُزيمةَ في «صحيحِه» مِن حديث زياد بن الحسنِ بن فرات عن أبيه عن جدِّهِ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ الأسودِ عن عَلقمة عن عبدِ الله قال: أراد النَّبيُّ صلعم أن يَتَبَرَّز فقال: ((ائتِنِي بثلاثةِ أَحْجَارٍ)) فوجَدْتُ له حَجَرَيْنِ وَرَوْثةَ حمارٍ، فأَمْسَكَ الحَجَرينِ وطَرحَ الرَّوْثةَ، وقال: ((هِيَ رِجْسٌ)) ورواه الطَّبرانيُّ في «أكبر معاجمِه» مِن حديث شريك عن أبي إسحاقَ عن عبدِ الرَّحمنِ بن الأسودِ.
وقولُ التِّرمذيِّ: ورواهُ زكرِيَّا بنِ أبي زائدةَ عن أبي إسحاقَ عن عبدِ الرَّحمنِ بن يزيد عن عبدِ الله، هو أَحَدُ الوُجوهِ عنه، وقيل عن عبدِ الرَّحمنِ عن أبيهِ، وقيل عن أبي إسحاقَ عن الأسودِ.
ورواهُ جماعاتٌ عن أبي إسحاقَ عن عَلقمة عن عبدِ الله، وقيل الأسود بَدَلَ عَلقمة، وقيل هُبيرة بن يَريْم بَدَلَهُما، ذَكَرَه كلَّهُ الدَّارَقُطنيُّ وقال: اختَلَفَ عليه اختلافًا شديدًا.
وقولُ أبي إسحاقَ: (لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ) يحتملُ أنْ يكونَ نفْيًا لحديثِه وإثباتًا لحديثِ عبدِ الرَّحمنِ، ويحتملُ أن يكون إثباتًا لحديثِه أيضًا وأَنَّه كان غالبًا يحدِّثُ به عن أبي عُبيدةَ فقال يومًا: ليسَ هو حدَّثَنِي وحْدَه ولكنْ عبدُ الرَّحمنِ أيضًا.
وقالَ الكَرابيسيُّ في كتابِ «المدلِّسين»: أبو إسحاقَ يقولُ في هذا الحديثِ مَرَّةً: حدَّثَنِي عبدُ الرَّحمنِ بنُ يزيدَ عن عبدِ الله، ومَرَّةً: حدَّثَنِي عَلقمَةُ عن عبدِ الله، ومَرَّةً: حدَّثَنِي أبو عُبيدةَ عن عبدِ الله، ومَرَّةً يقولُ: ليسَ أبو عُبيدَةَ حدَّثنِيه، حدَّثَنِي عبدُ الرَّحمنِ عن عبدِ الله.
الوجه الخامسُ: في أحكامِه:
الأوَّلُ: منْعُ الاستنجاءِ بالرَّوثِ وقد سَلَفَ في البابِ قبْلَهُ، وقد أسلَفْنَا عندَ ابنِ خُزيمةَ أنَّها رَوْثَةُ حمارٍ، قال: وفيه بيانُ أنَّ أرواثَ الحُمُرِ نَجِسةٌ وإذا كانتْ نَجِسةً كان حُكمُ جميعِ أرواثِ ما لا يجوزُ أكْلُ لحومِها مِن ذواتِ الأربعِ مِثْلَ أرواثِ الحُمُرِ.
الثَّاني: منعُ الاستنجاءِ بالنَّجسِ فإنَّ الرِّكْس هو النَّجِسُ. وقد جاء في روايةٍ أُخرى سلفَتْ: ((إنَّها رِجْسٌ)) قال صاحبُ «المطالع»: والمعنى واحدٌ أي قد أُركِسَتْ في النَّجاسةِ بعدَ الطَّهارةِ، وقد جاءَ الرِّجْسُ بمعنى الإثمِ والكفرِ والشِّركِ كقولِه تعالى: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة:125] وقيل نحوُه في قولِه تعالى: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب:33] أي يُطهِّركُم مِن جميعِ هذه الخبائثِ. وقد تجيءُ بمعنى العذابِ والعملِ الَّذي يوجِبُه كقولِه تعالى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [يونس:100] وقيل تعني اللَّعنةَ في الدُّنيا والعذابَ في الآخرةِ، وقال ابنُ التِّينِ: الرِّجْسُ والرِّكْسُ في هذا الحديثِ قيل النَّجِسُ، وقيل القَذِرُ.
وقال الخطَّابيُّ: معنى الرِّكْسِ الرَّجِيعُ، أي قد رُدَّ مِن حالِ الطَّهارةِ إلى حالِ النَّجاسةِ، ومنه قولُه تعالى: {وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء:88] أي رُدُّوا إلى الرِّكْسِ والعذابِ، ومنهُ ارتكسَ فلانٌ. وقال ابنُ بطَّالٍ: يُمكنُ أن يكونَ معنى (رِكْسٌ) رِجْسٌ، قال: ولمْ أجِدْ لأهْلِ اللُّغةِ شرْحَ هذه الكَلِمَةِ، والنَّبيُّ صلعم أعلَمُ الأُمَّةِ باللُّغةِ. وقال الدَّاودِيُّ: يحتملُ أنْ يريدَ بالرِّجْسِ النَّجَسَ ويحتمل أن يُريدَ لأنَّها طعامُ الجِنِّ.
الثَّالثُ: قد يَستدِلُّ به مَن يقولُ: الواجبُ في الاستنجاءِ الإنقاءُ حتَّى لو حصَلَ بحَجَرٍ أجزأَ، وهو قولُ مالكٍ وداودَ ووجهٌ للشَّافعيَّةِ، وحكاه العبدريُّ عن عمرَ بنِ الخطَّابِ، وبه قال أبو حنيفةَ حيثُ أوجبَ الاستنجاءَ، ومذهبُ الشَّافعِيِّ أنَّ الواجِبَ ثلاثُ مَسحَاتٍ وإنْ حصَلَ الإنقاءُ بدونِها، وهو مذهبُ أحمدَ وإسحاقَ وأبي ثورٍ.
وأجابُوا عن هذا الحديثِ بأنَّه يجوزُ أن يكونَ وجدَ ماءً أو كان أحدُ الحَجَرَينِ له أحرُفٌ كما قالَه الخطَّابيُّ. وأحسنُ منهما بأنَّه جاءَ في «سنن الدَّارقطنيِّ»: لَمَّا أَلْقَى الرَّوثةَ قال: ((ائْتِني بِحَجَرٍ)) يعنِي ثالثًا. وفي روايةٍ: ((ائتِنِي بِغَيْرِها)) لكنْ رواهُما مِن حديثِ أبي إسحاقَ عن عَلقمةَ عن عبدِ الله به ثُمَّ قال: وهو منقطِعٌ فيما بينَ أبي إسحاقَ وعَلقمةَ.
قلتُ: وقد أسلَفْنَا مِن عندِ الكرابيسِيِّ التصريحَ بسماعِ أبي إسحاقَ منه. وقال ابن القصَّار: إنه رُوِيَ في بعضِ الآثارِ الَّتي لا تصحُّ أنَّه أتاه بثالِثٍ، ولعلَّهُ لَمَحَ كلامَ الدَّارَقُطنيِّ، ثُمَّ قال: وأيُّ الأمْرَينِ كانَ فالاستدلالُ لنا به صحيحٌ لأنَّه اقتصرَ للمَوضِعَينِ على ثلاثةِ أحْجارٍ فحَصَلَ لكلِّ واحدٍ منهُما أقلُّ مِن ثلاثةٍ لأنَّه لم يقتصِرْ على الاستنجاءِ لأحَدِ الموضِعيْنِ ويتركِ الآخَرَ. وردَّهُ ابنُ حزم بأنْ قالَ: هذا باطلٌ لأنَّ النصَّ وَرَدَ في الاستنجاءِ، ومسْحُ البولِ لا يُسَمَّى استنجاءً، وفيما قاله نَظَرٌ. /