التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

          ░66▒ بَابُ أَبْوَالِ الإِبِلِ وَالدَّوَابِّ وَالغَنَمِ وَمَرَابِضِهَا.
          (وَصَلَّى أَبُو مُوسَى فِي دَارِ البَرِيدِ وَالسِّرْقِينِ، وَالبَرِّيَّةُ إِلَى جَنْبِهِ، وَقَالَ: هَاهُنَا وَثَمَّ سَوَاءٌ).
          وهذا الأثَرُ أسندَهُ ابنُ أبي شَيبَةَ في «مصنَّفِه» فقال: حدَّثنا وكيعٌ حدَّثنا الأعمشُ عن مالكِ بن الحارثِ عن أبيه قال: كُنَّا مع أبي موسى في دارِ البريدِ فحضرَتِ الصَّلاةُ فصلَّى بنا على روثٍ وتِبْنٍ، فقلنا له: تُصَلِّي هاهُنا والبرِّيَّةُ إلى جَنْبكَ؟ فقال: البرِّيَّة وهاهُنا سواءٌ.
          وأسندَهُ أبو نُعَيم في كتابِ الصَّلاةِ عن الأعمشِ بلفْظِ: صَلَّى بِنَا أبو مُوسى في دارِ البَرِيد، وثَمَّ سِرْقِين الدَّوابِّ وتِبْنٌ، والبرِّيَّةُ على البابِ، فقالوا: لو صَلَّيتَ على البابِ؟ فقال: هَاهُنا وثَمَّ سواءٌ.
          وقال ابنُ حزمٍ: رُوِيَنا مِن طريقِ شُعبةَ وسُفيانَ كلاهما عن الأعمشِ عن مالكِ بنِ الحارثِ عن أبيه قال: صَلَّى بِنَا أبو موسى عَلَى مكانٍ فيهِ سِرْقينٌ. وهذا لفظُ سُفيان، وقال شعبة: رَوْثُ الدَّوابِّ. قال: ورُوِيَناه مِن طريقِ غيرِهما: والصَّحْراءُ أَمَامَهُ وقال: هَاهُنا وهُنَاكَ سَوَاءٌ.
          واعلمْ أنَّ البُخاريَّ قاسَ بولَ غيرِ المأكولِ على المأكولِ فيما ترجَمَ له، واستشهَدَ بفِعْلِ أبي مُوسى لِيَدُلَّ على أرْواثِ الإبِلِ وأبوالِها وليس ذلِكَ بلازِمٍ لاحتمالِه بحائلٍ وهو جائزٌ إذْ ذاكَ. نَعَم الأصلُ عدمُه.
          فائدةٌ: (دَارِ البَرِيدِ) الموضعُ الَّذي ينزِلُ فيه البريدُ، ومواضعُها يكونُ فيه رَوْثُ الدَّوابِّ غالبًا. (وَالسّرْقِينِ) بكسْرِ السِّينِ وفتحِها _حكاهُمَا ابنُ سِيدَه_ الزِّبْلُ، وبالجيمِ أيضًا فارسِيٌّ، وكانَ الفارِسِيُّ ينطِقُ بها بينَ القافِ والجيمِ، واقتصر القاضي وغيرُه على الكسْرِ. (وَالبَرِّيَّةُ) الصَّحراءُ والجمْعُ البَرَارِي.