التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الوضوء مرة مرة

          ░22▒ بَابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً.
          157- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عبَّاس، قَالَ: (تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلعم مَرَّةً مَرَّةً).
          هذا الحديثُ مِمَّا انفردَ به البُخاريُّ عن مسلمٍ، وأخرجهُ أيضًا أصحابُ «السُّننِ الأربعة». قال التِّرمِذِيُّ عَقِبَ إخراجِه: وفي البابِ عن عمرَ وجابرٍ وبُرَيْدةَ وأبي رافعٍ وابنِ الفاكِه. قلتُ: وأُبيُّ بنُ كعبٍ، وحديثُ ابنِ عبَّاسٍ أحسَنُ شيءٍ في البابِ. قلتُ: لا جَرَمَ اقتصرَ عليه البُخاريُّ.
          قال: وَرَوَى رِشْدِين بنُ سعدٍ وغيرُه هذا الحديثَ عن الضَّحَّاكِ بنِ شُرَحْبيل عن زيدِ بن أسلَم عن أبيه عن عمرَ مرفوعًا به، وليس بشيْءٍ والصَّحيحُ ما رَوَى ابنُ عجلان وهشامُ بنُ سعدٍ وسفيانُ الثَّوريُّ وعبدُ العزيزِ بنُ محمَّد عن زيدٍ عن عطاءٍ عن ابنِ عبَّاسٍ، ورواه عن سفيانَ جماعاتٌ غيرُ شيخِ البُخاريِّ منهم وكيعٌ.
          ونبَّهَ الدَّارَقُطنيُّ أيضًا على أنَّ ابنَ لَهِيعةَ ورِشْدِين بن سعدٍ رويَاه عن الضَّحَّاكِ أيضًا كما سَلَفَ، وأنَّ عبدَ الله بن سنانٍ خالفَهُ فرواهُ عن زيدٍ عن عبدِ الله بنِ عمرَ، قال: وكلاهما وَهْمٌ، والصَّوابُ زيدٌ عن عطاءٍ عن ابنِ عبَّاسٍ. وفي «مسند البزَّار»: ما أتى هذا إلَّا مِن الضَّحَّاكِ، وقد أغفلَ في سندِهِ قصْدَ الصَّوابِ.
          ورجالُه سلَفَ التَّعريفُ بهم، وفقهُه سَلَفَ أَوَّلَ الوُضوءِ. و(سُفْيَانُ) هو الثَّوريُّ كما صرَّح به أبو نُعَيمٍ وغيرُه، وقد سَلَفَ أيضًا.
          واستدلَّ ابنُ التِّينِ بهذا الحديثِ على عدمِ إيجابِ تخليلِ اللِّحية وهو لائحٌ لأنَّه إذا غَسَلَ وجهَهُ مرَّةً لا يبقَى معه مِن الماءِ ما يخلِّلُ به. قال: وفيه ردٌّ على مَن قال: فرضُ مغسولِ الوُضوءِ ثلاثٌ.