التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب مسح الرأس مرة

          ░42▒ بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَة.
          ثم قال:
          192- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ، سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ) فذَكَرَ الحديث ثُمَّ قال: حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، وَقَالَ: (مَسَحَ بِرَأْسِه مَرَّةً).
          وقد سَلَفَ الحديثُ قريبًا، ونتكلَّمُ هنا على موضعينِ:
          الأوَّلُ: قولُه: (مِنْ كَفَّةٍ وَاحِدَةٍ) قال ابنُ التِّينِ: هو بفتْحِ الكافِ أي غَرْفَةٍ، فاشتُقَّ ذلك مِن اسمِ الكَفِّ، سمَّى الشَّيءَ بِاسْمِ ما كان فيه. قال بعضُهم: ولا يُعرف في كلامِ العرب إلحاقُ هاء التأنيث في الكَفِّ، ولا يبعُدُ أن يكون مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الغَرْفَةِ فتكونُ الكَفَّة بمعْنَى فَعْلَةٍ، أي كَفَّ كَفَّةً لَمَّا كان يتناولُها بِكَفِّه ودَخَلَتِ الهاءُ كما تقولُ: ضربْتُ ضَرْبَةً. وكأنَّه أشارَ بقولِه: وقال بعضُهم، إلى ابنِ بطَّالٍ فإنَّه قال ذلكَ وقالَ: أرادَ غَرْفةً واحدةً أو حَفْنةً واحدةً. وقال ابن قُرقُول: هي بالضَّمِّ والفتْحِ مِثْلُ غُرْفَةٍ وغَرْفَةٍ، أي مِلْءَ كَفِّهِ مِن ماءَ.
          الثَّاني: مَسْحُ الرَّأْسِ مَرَّةٌ، والصَّحيح مِن مذهبنا التَّثليثُ، ومذهبُ مالكٍ وأبي حنيفةَ وأحمدَ مسحُها مَرَّةً، واختارهُ ابنُ المنذِرِ، ويَعْضُدُ مذهبَنا عدَّةُ أحاديثَ مِن طُرُقٍ أوضحتُها في تخريجي لأحاديثِ الرَّافعيِّ فسارِعْ إليه. نعمْ قال التِّرمذيُّ لَمَّا ذَكَرَ المسْحَ مَرَّةً: إنَّ العمَلَ عليه عندَ أكثرِ أهلِ العلمِ مِن الصَّحابةِ فمَن بَعْدَهم، وأغرَبَ مَن أوجَبَ الثَّلاثَ.
          تنبيهٌ: ترتيبُ البُخاريِّ ☼ في هذه الأبوابِ كأنَّه غيرُ جيِّدٍ؛ فإنَّهُ بدَأَ بغَسْلِ الوجه ثُمَّ بالتَّسميةِ ثُمَّ بما يُقال عندَ الخَلاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ أحكامَ الخلاءِ ثُمَّ رَجَعَ فترْجَمَ الوضوءَ مَرَّةً فأكثرَ، ثُمَّ ذَكَرَ الاستنثارَ في الوُضوءِ، ثُمَّ ذَكَرَ الاستجمارَ وِترًا، ثُمَّ ذَكَرَ غَسْلَ الرِّجْلين، ثُمَّ ذكر المضمضةَ ثُمَّ الأعقابَ ثُمَّ التَّيمُّنَ ثُمَّ الْتِمَاسَ الطَّهُور ثُمَّ أحكامَ المياه ثُمَّ النواقضَ ثُمَّ الاستعانةَ ثُمَّ القراءةَ مُحدِثًا ثُمَّ مسْحَ الرَّأسِ كلِّه ثُمَّ غَسْلَ الرِّجْلينِ ثُمَّ طهارةَ المستعمَلِ ثُمَّ المضمضةَ والاستنشاقَ مِن غَرْفةٍ ثُمَّ مسح الرأس، ثُمَّ ذَكَرَ بعدَ ذلكَ النَّواقِضَ، ولو جَمَعَ كلَّ شيءٍ إلى جِنْسِهِ لَكانَ أَوْلى.