التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب استعمال فضل وضوء الناس

          ░40▒ بَابُ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ.
          (وَأَمَرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَهْلَهُ أَنْ يَتَوَضَّئُوا بِفَضْلِ سِوَاكِهِ).
          وهذا أخرجه ابنُ أبي شَيبَةَ في «مصنَّفِهِ» بإسنادٍ جيِّدٍ عن وكيعٍ عن إسماعيلَ عن قيسٍ عن جريرٍ قال: وأخبَرَنا هُشَيمٌ عن ابنِ عَوْنٍ عن إبراهيمَ أنَّه كانَ لا يَرَى بأسًا بالوُضوءِ مِن فضْلِ السِّواكِ.
          ثُمَّ ذَكَرَ البُخاريُّ بعدَهُ عِدَّةَ أحاديثَ، وكلُّها دالَّةٌ على ما ترجَمَ له وهو طهارةُ الماءِ المستعمَلِ في رفْعِ الحدَثِ المنفصِلِ عنه.
          وفَضْلُ السِّواكِ هو الماءُ الَّذي يُنْقَعُ فيه السِّواكُ لِيَلِيْنَ، وسواكُه الأرَاكُ وهو لا يُغيِّر الماءَ، فأرادَ البُخاريُّ أن يعرِّفَكَ أنَّ كلَّ ما لا يتغيَّرُ فإنَّه تجوزُ الطَّهارةُ به، والماءُ المستعمَلُ غيرُ مُتَغيِّرٍ فهو طاهرٌ، وأنَّ مَن ادَّعَى نجاسةَ الماءِ المستعمَلِ فهو مردودٌ عليه، وأنَّهُ ماءُ الخَطَايَا. ولا خلاَف عند الشَّافِعِيَّةِ في طهارتِه ووافقَهُم مالكٌ وأحمدُ، وعن أبي حنيفةَ روايةٌ أنَّه طاهرٌ وأُخرى أنَّه نَجِسٌ نجاسةً مُخفَّفةً وثالثَةٌ أنَّه نَجِسٌ نجاسةً مُغَلَّظَةً.
          واختَلَفَ قولُ الشَّافِعِيِّ في طَهوريَّتِه، فقالَ في الجديدِ إنَّه غيرُ طَهورٍ لِسَلْبِ الفَرْضِ طَهوريَّتَهُ وبه قالَ أبو حنيفةَ وأحمدُ، وقالَ في القديمِ إنَّه طَهورٌ وبه قال مالكٌ، ومَحَلُّ الخوضِ في ذلكَ كُتُبُ الخلافِ فلا نُطَوِّلُ به، ومَحَلُّ تفاريعِه كُتُبُ الفُرُوعِ وقد بسطْنَاها فيها ولله الحمدُ.