إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها بعد الثالثة

          2232- 2233- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ) بضمِّ الزَّاي مُصغَّرًا، و«حربٍ»: بفتح الحاء المهملة وبعد الرَّاء السَّاكنة موحَّدةٌ، قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ) قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ، القرشيُّ الزُّهريُّ (عَنْ صَالِحٍ) هو ابن كيسان أنَّه (قَالَ: حَدَّثَ ابْنُ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ، و«حدَّث» فعلٌ ماضٍ بدون ضمير المفعول، و«ابنُ» فاعلٌ، وفي النُّسخة المقروءة على الميدوميِّ: ”حدَّثتُ ابنَ شهابٍ“ بتاء الفاعل وصُحِّح عليها وضبِّب، و«ابنَ»: نُصِب على المفعوليَّة، ولم يظهر لي توجيهها، وفي الهامش: ”حدَّثنا“ بنون الجمع: (أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ) _مُصغَّرًا_ ابن عبد الله بن عتبة بن مسعودٍ، أحد الفقهاء السَّبعة (أَخْبَرَهُ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ) الجهنيَّ (وَأَبَا هُرَيْرَةَ ☻ أَخْبَرَاهُ: أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ صلعم يُسْأَلُ) بتحتيَّةٍ مضمومةٍ فسينٍ ساكنةٍ ثمَّ همزةٍ مفتوحةٍ، وللحَمُّويي والمُستملي: ”سُئِل“ بسينٍ مضمومةٍ فهمزةٍ مكسورةٍ مبنيًّا للمفعول فيهما (عَنِ الأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَـِنْ) بالتَّزويج، و«تُحصَـِنْ»: بضمِّ / أوَّله وفتح ثالثه بإسناد الإحصان إلى غيرها، ويجوز كسر الصَّاد على إسناد الإحصان إليها (قَالَ ╕ : اجْلِدُوهَا) أي: نصف ما على الحرائر من الحدِّ، قال تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء:25] والرَّجم لا يتنصَّف(1)، فدَّل على عدم رجم الأمَة (ثُمَّ إِنْ زَنَتْ) أي: في الثَّانية (فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا) بعد الجلد إذا زنت (بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ) قال: بعد (الرَّابِعَةِ) شكٌّ من الرَّاوي.
          وهذا الحديث قد سبق في «باب بيع العبد الزَّاني» [خ¦2153] [خ¦2154] واستُشكِل إدخاله في بيع المُدبَّر، وأجاب الحافظ ابن حجرٍ: بأنَّ وجهَ دخوله هنا عمومُ الأمر ببيع الأَمة إذا زنت، فيشمل ما إذا كانت مُدبَّرةً أو غيرَ مدبَّرةٍ، فيُؤخذ منه جواز بيع المُدبَّر في الجملة، وتعقَّبه العينيُّ بأنَّه أخذ بعض‼ كلامه هذا من الكِرمانيِّ، وزاد عليه من(2) عنده، وهو كلُّه ليس بمُوجَّهٍ؛ لأنَّ الأَمة المذكورة في الحديث إنَّما أمرهم(3) ╕ ببيعها لأجل تكرُّر زناها، والأمة المُدبَّرة يجوز بيعها عندهم سواءٌ تكرَّر الزِّنا منها أم لم(4) يتكرَّر أم لم تزنِ، قال: وقوله: و«يُؤخَذ منه جواز بيع المُدبَّر في الجملة» كلامٌ واهٍ؛ لأنَّ الأخذ الذي ذكره لا يكون إلَّا بدلالةٍ من اللَّفظ من(5) أقسام الدَّلالة(6) الثَّلاثة، ولا يصحُّ أيضًا على رأي أهل الأصول، فإنَّ الذي يدلُّ لا يخلو إمَّا أن يكون بعبارة النَّصِّ، أو بإشارته، أو بدلالته، فأيَّ ذلك أراد هذا القائل؟ انتهى.


[1] في (د): «ينتصف».
[2] «من»: ليس في (ص).
[3] في (د) و(ص) و(م): «أمره».
[4] في (ص): «لا».
[5] في غير (د) و(س): «في».
[6] في (د): «الدَّلالات».