إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب شراء الإبل الهيم أو الأجرب

          ░36▒ (باب شِرَاءِ الإِبِلِ الهِيمِ) بكسر الهاء وسكون التَّحتيَّة: جمع أَهْيَم وهَيماء، قال ذو الرُّمَّة:
فأصبحت كالهيماء لا الماء مُبرِدٌ                     صداها ولا يقضي عليها هُيامُها
          وهي الإبل التي بها الهُـِيام، وهو داءٌ يشبه الاستسقاء تشرب منه(1) فلا تروى، وقال في «القاموس»: والهيم بالكسر: الإبل العِطاش، والهُيَّام العُشَّاق الموسوسون(2)، وكسَحَاب: ما لا يتمالك من الرَّمل فهو يَنْهال أبدًا، أو هو من الرَّمل ما كان تُرابًا دُقاقًا يابسًا، ويضمُّ، ورجل هائمٌ وهَيومٌ: متحيِّرٌ، وهيمان: عطشان، والهُيام بالضم: كالجنون من العِشق، والهَيْماء: المفازة بلا ماءٍ، وداءٌ يصيب الإبل من ماءٍ تشربه مستنقعًا، فهي هيماء، الجمع ككِتاب (أَوِ الأَجْرَبِ) بالجرِّ عطفًا على سابقه، أي: وشراء الأجرب من الإبل، واستُشكِل‼ التَّعبير بالأجرب؛ لأنَّ المعتبر إمَّا معنى الجمع فلا يوصف بالأجرب، وإمَّا المفرد فلا يوصف بالهيم؟ وأُجيب بأنَّه اسم جنسٍ يحتمل الأمرين، واستُشكِل أيضًا: بأنَّ تأنيثه لازمٌ، والصَّحيح أن يُقال: الجرباء أو الجُرب، بلفظ الجمع، وأُجيب بأنَّه على تقدير تسليم لزوم التأنيث، فهو عطفٌ على نفسها، لا على صفتها، وهو الهيم، قاله الكِرمانيُّ والبرماويُّ (3)، وللنَّسفيِّ: ”والأجرب“ من غير همزة. قال المؤلِّف مفسِّرًا لقوله: الهيم: (الهَائِمُ: المُخَالِفُ لِلْقَصْدِ فِي كُلِّ شَيْءٍ) كأنَّه يريد أنَّ بها(4) داء الجنون، واعترضه ابن المُنيِّر كابن التِّين: بأنَّ الهيم ليس جمعًا لهائمٍ، وأجاب في «المصابيح»: بأنَّه لمَ لا يجوز أن يكون كبازل وبُزل، ثم قُلِبت ضمَّة «هُيم» كسرة(5) لتصحَّ الياء، كما فعل بجمع «أبيض»؟


[1] في (د): «معه».
[2] في (ص): «الموشومون».
[3] في (د): «كالبرماويِّ».
[4] في (د): «به».
[5] قوله: «كسرة» زيادة من المصابيح.