إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة

          ░64▒ (باب النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يُحَفِّلَ الإِبِلَ وَالبَقَرَ وَالغَنَمَ) بضمِّ المُثنَّاة(1) التَّحتيَّة وفتح المهملة وتشديد الفاء المكسورة، من الحَفْل، وهو الجَمْع، ومنه المَحْفِل: لمجمع النَّاس، و«لا» يحتمل أن تكون زائدةً، وأن تكون تفسيريَّةً، و«لا يُحَفِّل» بيانًا(2) للنَّهي، والتَّقييد بالبائع يخرج ما لو حفَّل المالكُ لجمع اللَّبن لولده أو عياله أو ضيفه (وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ) بفتح الفاء المُشدَّدة، ونصب «كلَّ» عطفًا على المفعول، من عطف العامِّ على الخاصِّ، أي: وكلَّ مُصرَّاةٍ(3) من شأنها أن تُحفَّل، فالنُّصوص وإن وردت في النَّعم لكن أُلحِق بها غيرها من مأكول اللَّحم للجامع بينهما، وهو تغرير المشتري، نعم(4) غير المأكول _كالجارية والأتان وإن شارك في النَّهي وثبوت الخيار_ لكن الأصحُّ أنه لا يردُّ في اللَّبن صاعًا من تمرٍ؛ لعدم ثبوته، ولأنَّ لبن الآدميَّات لا يعتاض عنه غالبًا، ولبن(5) الأتان نجسٌ لا عوض له، وبه قال الحنابلة في الأتان دون الجارية. (وَالمُصَرَّاةُ) بضمِّ الميم وفتح الصَّاد المهملة وتشديد الرَّاء، مبتدأٌ، خبره قوله: هي (الَّتِي صُرِّيَ) بضمِّ المهملة وتشديد الرَّاء، أي: رُبِط (لَبَنُهَا) أي: ضرعها (وَحُقِنَ فِيهِ) أي: في الثَّدي، من باب العطف التَّفسيريِّ؛ لأنَّ التَّصرية والحقن بمعنًى واحدٍ‼ (وَجُمِعَ) اللَّبن (فَلَمْ يُحْلَبْ أَيَّامًا)(6) وهذا تفسير الشَّافعيِّ (وَ) قال أبو عبيدٍ وأكثر أهل اللُّغة: (أَصْلُ التَّصْرِيَةِ: حَبْسُ المَاءِ، يُقَالُ مِنْهُ: صَرَّيْتُ المَاءَ) بتشديد الرَّاء، وزاد أبو ذرٍّ: ”إذا حبسته“ .


[1] «المُثنَّاة»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[2] في (د): «بيانٌ».
[3] زيد في (د): «أي».
[4] في (د1) و(م): «بنعمٍ»، ولعلَّه تحريفٌ.
[5] في (م): «ولأنَّ»، وهو تحريفٌ.
[6] في (م): «أيَّامًا فلم يُحلَب».