إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: باع النبي المدبر

          2230- وبه قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ) محمَّد بن عبد الله قال: (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ) هو ابن الجرَّاح الرُّؤاسيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي خالدٍ (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ) بضمِّ الكاف مصغَّرًا، الحضرميِّ (عَنْ عَطَاءٍ) هو ابن أبي رباحٍ (عَنْ جَابِرٍ) هو ابن عبد الله الأنصاريُّ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: بَاعَ النَّبِيُّ صلعم ) يعقوب (المُدَبَّرَ) الذي أعتقه سيِّده أبو مذكورٍ _عن دبرٍ، وكان عليه دَينٌ، ولم يكن له مالٌ غيره من نعيمٍ النَّحَّام_ بثمانِ مئةِ درهمٍ، وعند أبي داود من طريق هشيمٍ عن إسماعيل: بسبع مئةٍ أو تسع مئةٍ، على الشكِّ، فدفعها إليه، وقال له _كما في مسلمٍ وغيره(1)_: «ابدأ بنفسك فتصدَّق عليها»، وعند النَّسائيِّ من طريق الأعمش عن سلمة بن كهيلٍ: فأعطاه وقال: «اقضِ دَينك»، وقد اتَّفقت الرِّواياتُ كلُّها على أنَّ بيعه كان في حياة الذي دبَّره، إلَّا ما رواه شريكٌ عن سلمة بن كُهَيلٍ: أنَّ رجلًا مات وترك مدبَّرًا ودَينًا، فأمرهم النَّبيُّ صلعم أن يبيعوه في دينه(2)، فباعه(3) في دَينه بثمان مئة درهمٍ، أخرجه الدارقُطنيُّ، ونقل عن شيخه أبي بكر النَّيسابوريِّ: أنَّ شريكًا أخطأ فيه، والصَّحيح ما رواه الأعمش وغيره عن سلمة، وفيه: ودفع ثمنه إليه، وللنَّسائيِّ من وجهٍ آخر عن إسماعيل بن أبي خالدٍ: ودفع ثمنه إلى مولاه، وقد كان شريكٌ تغيَّر حفظه لمَّا ولي القضاء، والتَّدبير: تعليق عتقٍ بصفةٍ، وفي قولٍ: وصيَّةٌ للعبد بعتقه، فلو باعه السَّيِّد ثمَّ ملكه لم يعد التَّدبير، ولو رجع عنه بقولٍ كأبطلته أو فسخته أو رجعت فيه صحَّ إن قلنا: إنَّه وصيةٌ، وإلَّا فلا يصحُّ، وهل التَّدبير عقدٌ جائزٌ أم لازمٌ؟ فمن قال: لازمٌ منع التَّصرُّف فيه إلَّا بالعتق فلا يصحُّ بيعه، ومن قال: جائزٌ أجاز بيعه، وبالأوَّل: قال مالكٌ والكوفيُّون، وبالثَّاني: قال الشَّافعيُّ وأهل الحديث لحديث الباب، ولأنَّ من أوصى بعتق شخصٍ جاز بيعه بالاتِّفاق، فيلحق به بيع المدبَّر؛ لأنَّه في معنى الوصيِّ، وأجاب الأوَّل: بأنَّها واقعة عينٍ لا عموم لها، فتحمل(4) على بعض الصُّور، وهو اختصاص الجواز بما إذا كان عليه دينٌ، وهو مشهور قول أحمد.
          وهذا الحديث قد سبق في «بيع المزايدة» [خ¦2141] وفي إسناده ثلاثةٌ‼ من التَّابعين: إسماعيل وسلمة وعطاء، وأخرجه أبو داود في «العتق»، والنَّسائيُّ فيه وفي «البيوع» و«القضاء»، وابن ماجه في «الأحكام».


[1] «وغيره»: ليس في (ب).
[2] قوله: «أن يبيعوه في دينه» زيادة من سنن الدارقطني.
[3] في (ب): «فباعوه».
[4] في المخطوطين (ص) و(م): «فيحمل».