إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نهى النبي أن تباع الثمرة حتى تشقح

          2196- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مُسَرْهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) القطَّان (عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ) بفتح السِّين المهملة وكسر اللَّام وبعد التَّحتيَّة ميمٌ، وحَيَّان: بفتح المهملة وتشديد المثنَّاة التحتيَّة، الهذليِّ البصريِّ قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاء) بكسر العين، ومِيْناء: بكسر الميم وسكون التحتيَّة وبعد النُّون همزة ممدودةٌ (قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ ( ☻ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلعم أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ) بضمِّ المثنَّاة الفوقيَّة وفتح الشِّين المعجمة وتشديد القاف المكسورة آخره حاءٌ مهملةٌ _كذا في الفرع وغيره_ وضبطه العينيُّ كالبرماويِّ بسكون الشِّين المعجمة(1) وتخفيف القاف، قال في «الفتح»: من الرُّباعيِّ، يقال: أشقح ثمر النَّخلة يُشقِح إشقاحًا؛ إذا احمرَّ أو اصفرَّ، والاسم الشُّقْحة؛ بضمِّ المعجمة وسكون القاف، وقال الكـِرمانيُّ: التَّشقيح بالمعجمة والقاف وبالمهملة: تغيُّر اللَّون إلى الصُّفرة أو الحمرة، فجعله في «الفتح» من باب الإفعال، والكـِرمانيُّ من باب التَّفعيل، وقال في «التَّوضيح» و«اللَّامع»: وضبطه أبو ذرٍّ بفتح القاف، قال القاضي عياض: فإن كان هذا فيجب أن تكون القاف مشدَّدةً والتَّاء مفتوحةً، تفعُّلٌ منه (فَقِيلَ: ومَا تُشَقِّحُ؟) بضمِّ أوَّله وفتح ثانيه وبالمثنَّاة الفوقيَّة، وسقطت «الواو» لغير أبي ذرٍّ (قَالَ) سعيد أو(2) جابر: (تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ) من باب الافعيلال من الثُّلاثيِّ الَّذي زيدت فيه الألف والتَّضعيف؛ لأنَّ أصلهما حمر وصفر، قال الجوهريُّ: احمرَّ الشَّيء واحمارَّ بمعنًى، وقال في «القاموس»: احمرَّ احمرارًا: صار أحمر كاحمارَّ، وفرَّق المحقِّقون بين اللَّون الثَّابت واللَّون العارض _كما نقله في «المصابيح» كـ «التَّنقيح»_ فقالوا: احمرَّ: فيما ثبتت حمرته واستقرَّت، واحمارَّ: فيما تتحوَّل حمرته ولا تثبت. انتهى. وقال الخطَّابيُّ: أراد بالاحمرار والاصفرار ظهور‼ أوائل الحمرة والصفرة قبل أن يشيعَ(3)، وإنَّما يُقال: تفعال؛ من اللَّون الغير المتمكِّن، قال العينيُّ: وفيه نظرٌ؛ لأنَّهم إذا أرادوا في لفظ «حمر» مبالغةً يقولون: احمرَّ، فيزيدون على أصل الكلمة الألف والتَّضعيف، ثم إذا أرادوا المبالغة فيه يقولون: احمارَّ، فيزيدون فيه ألفين والتَّضعيف، واللَّون الغير المتمكِّن هو الثُّلاثيُّ المجرَّد؛ أعني(4): حمر، فإذا تمكَّن يقال: احمرَّ، وإذا ازداد في التَّمكُّن يقال: احمارَّ؛ لأنَّ الزِّيادة تدلُّ على التَّكثير والمبالغة (وَيُؤْكَلُ مِنْهَا) وهذا التَّفسير من قول سعيد بن ميناء كما بيَّن ذلك أحمد في روايته لهذا(5) الحديث عن بَهْز بن أسدٍ عن سليم بن حيَّان: أنَّه هو الَّذي سأل سعيد بن ميناء عن ذلك فأجابه بذلك، ولفظ مسلمٍ: قال: قلت لسعيدٍ: ما تُشْقِح؟ قال: تحمارُّ وتصفارُّ ويُؤكَل منها، وعند الإسماعيليِّ: أنَّ السَّائل سعيدٌ، والمفسِّرَ جابرٌ، ولفظه: قلت لجابر: ما تُشَقِّح؟... الحديث.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «البيوع» وكذا أبو داود، وقد أفاد حديث زيد بن ثابتٍ سبب النَّهي، وحديث ابن عمر التَّصريح بالنَّهي، وحديث أنسٍ وجابرٍ(6) بيان الغاية التي ينتهي / إليها النَّهي.


[1] «المعجمة»: مثبت من (ب) و(س).
[2] «سعيد أو»: ليس في (م).
[3] في غير (د) و(ص): «يُشبع».
[4] زيد في (ص): «هي».
[5] في (د): «في هذا».
[6] زيد في (د): «وأنس»، وزيد في (ص) و(م): «بن ميناء»، وليس بصحيحٍ.