إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها

          2194- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ☻ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ) منفردةً(1) عن النَّخل نهيَ تحريمٍ (حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا) ومقتضاه جوازه وصحَّته بعد بدوِّه ولو بغير شرط القطع بأن يُطلِق أو يشترط إبقاءه أو قطعه، والمعنى الفارق بينهما أمنُ العاهة بعده غالبًا، وقبله تُسرع إليه لضعفه (نَهَى البَائِعَ) لئلَّا يأكل مال أخيه بالباطل (وَ) نهى (المُبْتَاعَ) أي: المشتري؛ لئلَّا يضيع ماله، وإلى الفرق بين ما قبل ظهور الصَّلاح وبعده ذهب الجمهور، وصحَّح أبو حنيفة ☼ البيع حالة الإطلاق قبل بدوِّ الصَّلاح وبعده، وأبطله بشرط الإبقاء قبله وبعده، كذا صرَّح به أهل مذهبه خلافًا لما نقله عنه النَّوويُّ في «شرح مسلمٍ»، وبدوُّ الصَّلاح في شجرةٍ ولو في حبَّةٍ واحدةٍ يستتبع الكلَّ إذا اتَّحد البستان والعقد والجنس، فيتبع ما لم يبدُ صلاحُه ما بدا صلاحه إذا اتَّحد فيهما الثَّلاثة، واكتفى ببدوِّ صلاح بعضه؛ لأنَّ الله تعالى امتنَّ علينا فجعل الثِّمار لا تطيب دفعةً واحدةً؛ إطالةً لزمن التَّفكُّه، فلو اعتبرنا / في البيع طيب الجميع لأدَّى إلى ألَّا يباع شيءٌ قبل كمال صلاحه، أو تُباع الحبَّة بعد الحبَّة، وفي كلٍّ منهما حرجٌ لا يخفى، ويجوز البيع قبل الصَّلاح بشرط القطع إذا كان المقطوع منتفَعًا به كالحِصْرِمِ إجماعًا.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ وأبو داود.


[1] في غير (ب) و(س): «منفردًا».