التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سورة {عبس وتولى}

          ░░░80▒▒▒ (سُورَةُ {عَبَسَ وَتَوَلَّى}) [عبس:1]
          (كَلَحَ وَأَعْرَضَ) أي عبَسَ محمدٌ صلعم تَكَرُّهًا، وأعرَضَ، {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى}[عبس:2] وهو ابنُ أمِّ مكتومٍ الأعمى المؤذِّنُ كما أسندَه الحاكم، واسمُهُ عمرو بن قيس ويُقال: عبدُ الله، واسمُ أمِّهِ عاتكةُ بنت عبد الله بن عُتبة بن عامر بن مخزوم، مات بالمدينة وقيل: قُتِلَ شهيدًا بالقادسية.
          وسببُ نزول الآية أنَّهُ أتى رسولَ الله صلعم يومًا بمكَّةَ ورسولُ الله يناجي عقبةَ بن ربيعة وأبا جهل بْن هشام وأُبَيَّ بن خلف يدعوهم إلى اللهِ ويرجو إسلامَهم، فقال ابنُ أمِّ مكتوم: يا رسول الله أَقرِئني وعلِّمني ممَّا علَّمك الله، فجعل يناديه ويُكرِّرُ النِّداءَ ولا يدري أنَّهُ مشغولٌ بغيرِهِ حتَّى ظهرَتِ الكراهةُ في وجهِ رسولِ الله صلعم لِقَطْعِهِ كلامَهُ، فاعترض عنه وعبَس وجهه فعاتبه الله على ذلك بهذه الآية. فكان _◙ _ بعد ذلك إذا جاءه أكرمه وإذا رآه قال: ((مَرحبًا بمَن عاتبني فيه ربِّي)) ويقول له: ((هل لك حاجة؟)).
          ونزلت الآية بلفظ الإخبار عَن الغائب فقال: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} ولم يقل عبستَ وتوليْتَ، وهذا يُشبِهُ حالَ الغائب الْمُعرِضِ، ثُمَّ أقبَلَ عليه بمواجهة (1) الخطاب فقال: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}[عبس:3] عِلْمًا منه سبحانه بأَنَّهُ لم يقصِدْ بالإعراض إلَّا الرَّغبةَ في الخيرِ ودخولَ أولئك في الإسلام إذْ كان مِثْلُهُمْ يُسلِمُ بإسلامهم خَلْقٌ كثير فكلَّمَ (2) نبيَّهُ ╕ حينَ (3) ابتداءِ الكلام بما يُشبِهُ كلامَ الْمُعرِضِ عنه المعاتِبِ له، ثمَّ واجهه بالخطاب تأنيسًا له ◙ .


[1] في(الأصل):((بمواجبة)).
[2] في(الأصل):((فعلم)).
[3] في(الأصل):((حتى)).