التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سورة الشعراء

          ░░░26▒▒▒ (سُورَةُ الشُّعَرَاءِ)
          قوله: (الأَيْكَةُ واللَّيْكَة (1) جَمْعُ أَيْكَةٍ، وَهُوَ جَمْعُ شَجَرٍ) هكذا أخرجه ابن المنذر عن ابن عباس، وهي شجر المُقْلِ، وكان أكبر شجَر الدَّومِ. وقال مجاهد: الأَيْكة الغِيضة مِن الشجر الملتفِّ، والأيكة واللَّيكة قراءتان في السَّبعة، ثمَّ قيل: هما بمعنى، وقيل: اللَّيكة اسم القرية التي كانوا فيها، والأيكة اسم للبلد كلِّه (2)، وفسَّره البخاري بما تقدَّم، فقال: (وَهِيَ جَمْعُ شَجَرٍ)، وفي نسخة: <وهي الغِيضة>، وهي رواية أبي ذرٍ الهَرَوي.
          قوله: (فَرِهِينَ: فَرِحِينَ (3)، و{فَارِهِينَ} بِمَعْنَاهُ، وَيُقَالُ: {فَارِهِينَ} حَاذِقِينَ) الَّذي في التلاوة {فَرِهِينَ}، وكأنَّ الهاء عنده مُبدلة مِن الحاء، لأنَّهما مِن حروف الحَلق، وإنَّما جعل فارهين بمعناه لأنَّ الفَراهة النَّشاط والقوَّة، وقيل: الحذق (4). يُقال: فره الرَّجل، فهو فاره، ودابَّة فارهٍ، وَلا يُقال: فارهة.
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَعْبَثُونَ}[الشعراء:128]: تَبْنُونَ) أسندَه ابْن المنذر مِن حديث ابْن أبي نَجيح عنه، {بِكُلِّ رِيعٍ}فجٍٍ، و{تَعْبَثُونَ} تبنون بنيانًا (5).
          قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}[الشعراء:129]: كَأَنَّكُمْ) هذا أسندَه ابن المنذر مِن حديث معاوية عن عليٍّ عنه (6)، و(لعلَّ) يأتي، والْكلام بمعنى (كأنَّ) كَقوله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ}[الشعراء:3]. وفِي تفسير البَغوي عَن الوَاحدي (7): كلُّ مَا كان في القرآن مِن لعلَّ فإنَّها للتَّعليل، إلَّا قوله: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}[الشعراء:129]. فإنَّها للتَّشبيه. ويؤيده مَا في حرف أُبَيٍّ:▬كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ↨. ومجيء (لعلَّ) للتشبيه غريب، لم يذكره النُّحاة، والمشهور أنَّها للتعليل، ويؤيِّده قراءة عبد الله: ▬لكي (8) تَخْلُدُونَ↨. والمعنى أنَّهم كانوا يستوثقون مِن البِناء والحُصون، ويذهبون إلى أنَّها تحصِّنهم مِن أقْدار الله، {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}[الحشر:2].
          قوله: (وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَوْزُونٍ}[الحجر:19]: مَعْلُومٍ) موضع هذا سُورة الحِجر.
          قوله: ({لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}[الشعراء:54]: الشِّرْذِمَةُ: طَائِفَةٌ (9) قَلِيلَةٌ) روى ابن أبي حاتم (10) بإسناده عن السُّديِّ قال: خرج موسى ◙ في ستمئة ألفٍ وعشرين ألف مقاتل، لا يعدُّون ابن عشرين سنة لصغره، ولا ابْن ستين سنة لِكبره، ورُوي عن عبد الله قال: كانوا ستمئة ألف وسبعين ألفًا (11)، قال السُّدِّيُّ: وتبعه فرعون _وعلى مقدِّمته هامان_ في ألفِ ألفٍ وسبعمئة ألف حِصان، سوى الإناث.
          قوله: (الرِّيعُ: الأَيْفَاعُ (12) مِنَ الأَرْضِ، وَجَمْعُهُ رِيَعَة) بكسر الراء وفتح الياء، كقِرْد وقِرَدة.
          قوله: (وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُهَا رِيعَةٌ) أي بسكون / الياء، والَّذي قاله بعض المفسِّرين أنَّ جمع رِيع أرياع وريَعة بفتح الياء، وأنَّ ريعًا جمع رِيعة بإسْكان الياء كعهنة وعُهن.


[1] كذا، والعبارة في الجامع الصحيح:(لَيْكَةَ وَالأَيْكَةُ جَمْعُ أَيْكَةٍ، وَهِيَ جَمْعُ الشَّجَر).ومثل عبارة المصنف هنا:((الليكة جمع أيكة)).عبارة صاحب «القاموس المحيط»، وحكم بوهمها، لأن المعروف أن جمع أيكة: أيك، وكذلك نفى صحتها العيني في «العمدة»، وأشار إلى سهوٍ فيها ابن حجر في «الفتح»، وتوقف عن رفضها الزبيدي في «تاج العروس»، وارتضاها الكشميري في «فيض الباري».وفي اللغة سَعة لها وعنها.
[2] انظر هذه الروايات والأقوال والقراءات في «تفسير الطبري»، و«الوسيط» للواحدي، و«شرح الشاطبية» لأبي شامة، سورة الشعراء.
[3] كذا قرأتها، بالفاء، حتى يسلم الإبدال وحده، وانظر «تاج العروس» للزبيدي، فره.وهي في أكثر المطبوعات بالميم
[4] هذا هو الصواب في قراءتها، وقرأها محقق «التنقيح» للزركشي: الخوف.
[5] رواية ابن أبي نجيح في قول مجاهد:(بُنْيَانًا) هي تفسير لقوله تعالى: {آيَةً} [الشعراء: 121].لا لقوله: {تَعْبَثُونَ}، وتفسير {تَعْبَثُونَ} بقوله:(تبنون) ليس لبيان معنى الفعل لغة، وإنما لبيان كيف كان عبثهم.انظر «الكوثر الجاري» للكوراني.
[6] هو بهذا الإسناد في «تفسير ابن أبي حاتم» لهذه السورة.
[7] لم أجدها في «تفسير البغوي»، لكن بمعناها في «تفسير الثعلبي» عن الواقدي، في سورة البقرة، الآية: 73.
[8] في «التنقيح» للزركشي: كي تخلدون، بدون لام، وهي كذلك في «المحرر» لابن عطية، و «البحر» لأبي حيان.
[9] في الأصل:((لشرذمة قليلون لطائفة)).
[10] لم أجدهما في «تفسير ابن أبي حاتم»، لكن في «تفسير الطبري»، أما رواية السدي ففي تفسير سورة البقرة، الآية: 50.وأما قول عبد الله ففي تفسير سورة الشعراء، هذه الآية.
[11] في الأصل:((وسبعين ألف)).
[12] في الأصل:((البقاع)).