التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سورة النساء

          ░░░4▒▒▒ (سورة النِّساء)
          قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَسْتَنْكِفُ: يَسْتَكْبِرُ) هَذا أسندَه ابن أبي حاتم عنه، قال الزَّجاج: مأخوذ مِن نكف الدَّمع إذا نحَّيته بإصبعك عن خدِّك. وقال أبو عمر: استنكف مِن الأمر ونَكِف بكسر الكاف كأنَّه أَنِف منه.
          قوله: (قِوَامًا: قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ) أي ما يقوم به أمركم، قيل: هذا غريب وإنمَّا القراءة {قياماً} بالياء لا بالواو، وبها يليق التفسير المذكور، ويمكن أن يُجَاب بأنَّه أتى به على الأصل.
          قلت: الواو بالكسرة التي قبلها، ولهذا قال أبو عبيدة: قياماً وقواماً بمنزلة واحدة. يُقال: هذا قوام أمركم وقيامه أي ما يقوم به أمركم، وإنَّما أذهبوا الواو بكسرة القاف، وتركها بعضهم كما قالوا: ضياء وضِوَاء.
          قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبْاعٍ}[النساء:3]: يَعْنِي اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثًا وَأَرْبَعًا، وَلاَ تُجَاوِزُ العَرَبُ رُبَاعَ) أمَّا دعوى أنَّ معنى مَثنى اثنين فليس كذلك بل معناه اثنين اثنين لا اثنين فقط، وأقام الكِرْمَاني هذا سؤالاً فقال: إن قلتَ ليس معناه ذلك بل معناه المكرَّر نحو اثنين اثنين؟ وأجاب بأنَّه تركه اعتماداً على الشُّهرة، أو أنَّه عنده ليس بمعنى التِّكرار وهو غير منصرف للعدل والوصف.
          وقال الزَّمخشري: لما فيها مِن العدلين عدلها عن صيغتها وعدلها عن تكرُّرها.
          وأمَّا قوله: إنَّ العرب لا تتجاوز رباع، فلا تقول خماس ولا سداس. فهو الأكثر لكن قال الحَريري / في «الدُّرَّة»: رَوى خلَفٌ الأَحمر أنَّهم صاغوا هذا البِناء مُتَّسِقًا إلى عُشَار، وعزاه غيره لرواية أَبي حاتم وأبي عمْرٍو اللُّغَويَين.
          وقال الكِرْمِاني: إنَّه إنَّما قال: والعرب لا تتجاوز رباع. أنَّه أشار إلى معنى ما قال بعض النُّحاة بجواز خُماس ومخمس وعُشار ومعشر. وقال ابن حاجب: وهل يُقال فيما عدا رباع ومربع إلى التسعة أو لا يُقال؟ فيه خلاف والأصح أنَّه لم يثبت. قال: وقد نصَّ البخاري في «صحيحه» على ذلك.
          ░1▒ (بَابُ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}[النساء:3])
          أي أنْ لا تعدلوا، أقسطَ عَدَلَ، وقسطَ جارَ، {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}[البقرة:282] أي أعدل، {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}[الجن:15] الكافرون.
          واليتيم في الآدميين طفلٌ لا أب له ولا جدَّ، و في البهائم مَن لا أمَّ له، وفي «الجواهر»: ما لا نظير له.
          قوله: ({فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء:3]) (ما) في الأصل موضوعة لمن لا يعقل، وقد تجيئ بمعنى الَّذي، وتُطلق على مَن يعقل كما هنا، ومَن لم يعقل، وتُطلق على غيره في قوله:
أسِرْبَ القَطا هَل من يعير جَناحَهُ                     لعلِّي إلى مَن قَد هَوِيتُ أطيرُ