التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سورة الأعراف

          ░░░7▒▒▒ (سُورَةُ الأَعْرَافِ)
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (وَرِيَاشًا): المَالُ) هذه قراءة عاصم، قال ابْن أبي حاتم: ورواها عثمان بن عفَّان عن رسول الله صلعم ، وهي عبارة عن سَعة الرِّزق ورفاهة العيش. وقال ابن الأعرابي: الريش: الأكل والشِّرب، والرياش: المال المستفاد. وقال قُطْرُبٌ: الرِّيش والرِّياش بمعنى واحد، وهو ما ظهر مِن اللِّباس، وبهذا صرَّح البخاري في باب خلق آدم وذرِّيته فقال: الرِّيش والرِّياش واحد وهو ما ظهر مِن اللِّباس، ولذلك صرَّح به مِن بعد في هذا الباب وفي بعضها: <وقال ابن عباس: وريشاً: المال> يشير إلى قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا}[الأعراف:26] أي: ثوباً للزِّينة تتجمَّلون به بين الخليقة، وقيل: الرِّياش والرِّياس الجمال، وقيل: المعاش.
          وتمام الآية: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}[الأعراف:26] أي: لباس الحرب، وقيل: ما يُتَّقى به مِن الحرِّ والبرد، وقيل: لباس الورع والخوف مِن الله تعالى وهو الإيمان والعَفاف، وأصل التَّقوى مِن وقيت الشيء إذا جعلته في وقاية ممَّا يخاف، والتَّقوى في الشَّرع عبارة عن حفظ النَّفس عما يؤثم (1) وذلك بإتيان المأمورات واجتناب المحظورات.
          قوله: (المُعْتَدِينَ فِي الدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ) كذا أخرج الطَّبراني من حديث عطاء الخراساني عن ابن عباس أنَّه لا يحب المعتدين والدعاء وغيره ولا في غيره (2).
          قوله: ({عَفَوا}:كثروا وكثُرتْ أموالهم) هكذا أخرج الطَّبراني أيضاً عنه: ({عَفَوا}: كثروا وكثرت أموالهم) وقال مقاتل: أثروا ونظروا (3).
          قوله: ({الفَتَّاحُ}[سبأ:26] القَاضِي {افْتَحْ بَيْنَنَا}[الأعراف:89]: اقْضِ بَيْنَنَا) وعن ابن عباس: ما كنت أدري: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا} حتَّى سمعت امرأة مِن ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك، أي: أقاضيك.
          قال الفرَّاء: وأهل عُمان يُسمُّون القاضي الفاتح والفتَّاح، وذكر غيره أنَّها لغة مراد.
          قوله: ({يَخْصِفَانِ}) أي: في قوله تعالى: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}[الأعراف:22] (أَخَذَا الخِصَافَ مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الوَرَقَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ) والخصف: الخَرز، وهو أن يوضع جلد على آخر ويجمع بينهما بسَير. وقال الهَرَوي: طفقا يطبقا على أبدانهما ورقةً ورقةً.
          قال المفسِّرون: لما بدتْ سوآتهما طفقا إلى ورق الجنَّة فتعالت أشجارها فلم يقدرا على الوصول إلى شيء منها، فرقَّت شجرة التِّين لهما وتطأطأت حتَّى نالا مِن ورقها ما أرادا، فلذلك جعلها الله تؤتي أكلها ثمرها في العام مرَّتين، / وجعل ظَاهر ثمرها وباطنها في الحلاوة سواء، ونزَّهها عن القِشر والنوى وأنبتها في الدُّنيا كنبتها في الجنَّة. وقيل: شجر الموز.
          قوله: (عُرُوشٌ وَعَرِيشٌ (4) بِنَاءٌ) هذ أسندَه الطَّبري عن عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: {وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ}[الأعراف:137]، وقال مجاهد: يبنون البيوت والمساكن، وقيل: يعرشون الكروم، أي: يرفعون عرائشها.
          قوله: ({القُمَّلُ}[الأعراف:133] الحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الحَلَمِ) هو بكسر حاء (الحُمْنَانُ) وهو الْقُرَادُ. قال القاضي: وهو جمع حمنانة وهو صغار الحَلَم، وحاء (الحَلَمِ) ولامُه مفتوحان، قال الأصْمَعي: أوَّله القمنانة ثمَّ الحُمْنَانة ثمَّ الْقُرَاد ثم الحلَم، وهو الْقُرَادُ العظيم.
          وذكر ابن جرير عن ابن عباس أنَّ القمَّل السُّوس يخرج مِن الحبوب، وقيل: هو الذي يكون في الثِّياب، وهو كبار القُردان، وإليه الإشارة بقوله: (الحُمْنَانُ) وعن أبي زيد أنَّه البراغيث، وقال مجاهد والسُّدي والثَّعلبي: هو الجراد الطَّيار ذو الأجنحة، وقال عطاء الخراساني: هي القمَّل. وقرأ الحسن القَمْل بفتح القاف وسكون الميم.
          قوله: (طُوفَانٌ مِنَ السَّيْلِ) أي: في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ}[الأعراف:7] (وَيُقَالُ لِلْمَوْتِ الكَثِيرِ طُوفَانُ)، أي: أرسلنا عليهم الطُّوفان فأطاف بهم وغلبهم وغشي أماكنهم وحزوتهم من مطر (5)، وقيل: هو الطاعون.
          قوله: (و{شُرَّعًا} شَوَارِعَ) أي في قوله تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا}[الأعراف:163] الشَّوارع هو الظَّاهر على وجه الماء.
          قوله: ({وَالآصَالُ} وَاحِدُهَا أَصْلٌ) قال السَّفاقسي: ضُبط بضمِّ الهمزة والصَّاد، وفي بعض النسخ: <أصيل> وليس ببيِّن إلَّا أن يريد: أن آصالاً جمع: أصيل، فيصحُّ ذلك. وقال ابن فارس: الأصيل بعد العشاء، وجمعه: أُصل وجمع أصل: آصال ثمَّ أصايل، وقيل: أصل جمع أصيل كعبد وعبيد، فأصايل على هذا جمع جمع الجمع.


[1] كذا في الأصل.
[2] كذا في الأصل، ولعل الصواب أن تكون العبارة هكذا: لا يحب المعتدين في الدعاء ولا في غيره.
[3] كذا في الأصل.
[4] في الأصل:((وعرائش)).
[5] كذا في الأصل.