التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سورة الفرقان

          ░░░25▒▒▒ (سُورَةُ الفُرْقَانِ)
          قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:23] مَا تَسْفِي بِهِ الرِّيحُ) وقال عليٌّ (1): شعاع الشَّمس الَّذي يدخل مِن الكُوَّة. وهو جمع هباة. وما ذكره عن ابن عباس أسنده ابن المنذر مِن حديث عطاء عنه بزيادة: وتبثُّه (2).
          قوله: ({مَدَّ الظِّلَّ}[الفرقان:45] مَا بَيْنَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ) قال ابن عطيَّة: تظاهرت / أقوال المفسرين على هذا، وهو معترض بأنَّ ذلك في غير نهار، بلْ في بقايا اللَّيل، لا يُقال له: ظلٌّ (3). ثمَّ لا خصوصية لهذا الوقت، بلْ مِن بعد مغيب الشمس مدَّةً يسيرة، فإنَّ في هذين الوقتين على الأرض كلِّها ظلٌ ممدود، مع أنَّه في نهار، وفي سائر أوقات النَّهار ظلال متقطِّعة.
          قوله: ({وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا}[الفرقان:45] أي دَائِمًا) غير زائل، وقيل: لاصقًا بأصل الجدار لا ينبسط.
          قوله: ({ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}[الفرقان:45]) أي على حصول الظِّلِّ، وقيل: الشَّمس دليل للنَّاس على أحوال الظِّلِّ، فيستعينون به على حاجاتهم.
          قوله: ({خِلْفَةً}[الفرقان:62] مَنْ فَاتَهُ باللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، ومَنْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ) هذا التفسير يؤيد رواية مسلم مِن حديث عمرَ مرفوعًا: ((مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ _مِن اللَّيل_ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ)) (4). وقال أبو عبيدة: أي مَجيء اللَّيل بعد النَّهار، ومجيء النَّهار بعد اللَّيل، يخلف منه، وجعلهما خِلفة _وهما اثنان_ لأنَّ الخلفة مصدر، فلفظه في الواحد والاثنين والجمع مِن المذكَّر والمؤنَّث واحد (5).
          قوله: (وَقَالَ الحَسَنُ: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}[الفرقان:74] فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَمَا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ) هذا أسندَه عنه ابن المنذر مِن حديث جرير عنه، وقال: أن يرى والده أو ولده أو حميمه في طاعة الله (6).
          قوله: ({الرَّسُّ}[الفرقان:38] المَعْدِنُ، وَجَمْعُهُ رِسَاسٌ) المشهور عند أهل اللُّغة أنَّ الرَّس كلُّ بئر غير مطويَّة، ولهذا قال مجاهد: كانوا على بئرٍ لهم يُقال لها: الرَّسُّ، فنُسبوا إليها. وقيل: قتلوا نبيهم ورسُّوه في البئر، أي دسُّوه فيها. وقيل: الرَّسُّ الأخدود. وقال السُّدِّيُّ: الرَّسُّ بئر بأنطاكية، قتلوا فيها حبيب النَّجار، فنُسبوا إليها، وهو قول ابن عباس _في رواية عكرمة_ قال: سألتُ كعبًا عَن أصحاب الرَّسِّ، فقال: هم الذين قتلوا صاحب ياسين، القائل لهم: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}[يس:20]. ودسُّوه في بئر لهم، يُقال له الرَّسُّ، أي دسُّوه فيها كما تقدَّم (7).
          قوله: ({قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ}[الفرقان:77]) يُقال: هو شيء لا يُعبأ به، أي لا يُعتدُّ به، ولا اعتبار له.


[1] من رواية الحارث الأعور عنه، انظر «تفسير سعيد بن منصور»، سورة الفرقان، الآية 23.وانظر «التنقيح» للزركشي.
[2] من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني، انظر «تفسير الطبري»، الموضع السابق.
[3] من «المحرر الوجيز»، سورة الفرقان، الآية: 45.بتصرف، وتتمة كلام المصنف هنا من «التنقيح» للزركشي.
[4] «صحيح مسلم»، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض.وقول: -من الليل-.وضعته بين معترضتين لأنه ليس في «صحيح مسلم».
[5] «مجاز القرآن»، تفسير سورة الفرقان، الآية: 62.
[6] انظر بنحو هذه الألفاظ من طريق حزم بن أبي حزم و كثير بن زياد في تفسير «سعيد بن منصور»، و في «تفسير الطبري»، سورة الفرقان، الآية: 74.ولم أجد طريق جرير، لكن ذكره ابن حجر في «الفتح» عن تفسير سعيد بن منصور بدل حزم.
[7] جمع المصنف بين كلام الزركشي في «التنقيح»، وابن الملقن في «التوضيح»، وانظر هذه الآثار في «البسيط» للواحدي، سورة الفرقان، الآية: 38.