التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

كتاب التوحيد

          ░░97▒▒ (كِتابُ التَّوْحِيدِ والرَّدِّ عَلى الجَهْمِيَّة)
          في بعضها: <وردُّ الجهميَّة> بالإضافة إلى المفعول، وهو نسبةٌ إلى جَهْم بنِ صفوانَ، وقد قُتل بِمَرْوَ (1) في زَمان هشامِ بنِ عبدِ الملكِ، وهو مقدَّمُ الطَّائفةِ القائلةِ بأنَّ لا قدرةَ للعبد أصلًا، وهم الجَبْرية.
          قال ابن حَزْم في «الْمِلَلِ والنِّحَل»: الجَهْمية أصحاب جَهْم بن صفوان وهو مِن الجَبْرية الخالصة، وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم: أنَّه لا يجوز أن يُوصَف الباري بصفة يُوصَف بها خلقه لاقتضاء ذلك للتَّشبيه، فنفى كونه حيًّا عالمًا وأثبت كونه قادرًا فاعلًا خالقًا؛ لأنَّه لا يُوصف شيءٌ مِن خلقه بالقدرة والفعل والخلق، وأثبت علومًا حادثةً لله تعالى لا في محلٍّ فقال: لا يجوز أنْ يَعْلَم الشَّيء قبل خَلقه؛ لأنَّه لو عَلِم ثمَّ خَلق انتفى عِلمه عَلى ما كان أم لا، فإنْ بقي فهو جهل، فإنَّ العلم بأنْ سيوجد غير العِلم بأنْ قد وُجد، وإن لم يبقَ بعد فقد تغيَّر، والمتغيِّر مخلوق ليس بقديم.
          قال: وإذا ثبتَ حدوث الِعلم فليس يخلو: إمَّا أن يحدث في ذاته تعالى عن ذلك، وذلك يؤدي إلى التَّغير في ذاته، وأن يكون محلًّا للحوادث، وإمَّا أن يحدث في محلٍّ فيكون المحلُّ موصوفًا به، لا الباري تعالى، فتعيَّن أنَّه لا محلَّ له.
          وزاد عليهم أشياء لا حاجة في إطالتها تعالى عمَّا يقول المُبطلون علُوًّا كبيرًا.


[1] في الأصل:((بمروان)).