التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سورة النمل

          ░░░27▒▒▒ (سُورَةُ النَّمْلِ)
          قوله: (وَالخَبْءُ: مَا خَبَأْتَ) يشير إلى قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[النمل:25]. خَبَءُ السماء المطرُ، وخَبَءُ الأرض النباتُ.
          قوله: ({الصَّرْحُ}[النمل:44] كُلُّ مِلاَطٍ اتُّخِذَ مِنَ القَوَارِيرِ) والمِلاط الطِّين يُجعل بين ساقتي البناء، وهو بالموحدة لابن السَّكن وللأَصِيْلي، / ولغيرهما: <مِلاَطٍ> بالميم، والبلاط: كلُّ ما فُرشتْ به الأرض مِن آجر وحجارة أو غيره، والمِلاط بكسر الميم، قاله القاضي، وقيَّده السَّفاقسي بالفتح، وقال: المراد هنا كلُّ بناء، أي عالٍ مرتفع. وقال ابن فارس: هو البيت الواحد أحد (1) المنفرد في السَّماء.
          قوله: (وَالصَّرْحُ: القَصْرُ) وقيل: الصَّرح عَرَصة الدَّار، وقيل: الصَّرح المُنْبسط المُنْكشف بلا سَقف، وقيل: الصَّرح كلُّ بلاط اتُخذ مِن قوارير، قيل: وكان لسليمان ◙ صخر مِن قوارير، وتحته الماء والسَّمك وسائر دوابِّ البحر، وكان يُرى مِن ظاهر مجلس سليمان ◙ في وسطه على الكرسي، وكان طريق بلقيس في الوصول إليه على الصَّرح.
          قوله: ({وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}[النمل:23] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (2): سَرِيرٌ كَرِيمٌ، حُسْنُ الصَّنْعَةِ، وَغَلاَءُ الثَّمَنِ) كان معمولًا مِن الذَّهب، مُرصَّعًا بالجَواهر، في مقدار ثَمانين ذِراعًا، قال الكِرْمَاني: (حُسْنُ الصَّنْعَةِ) مبتدأ خبره محذوف، أي: له.
          قوله: ({يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}[النمل:38] طَائِعِينَ) قال السَّفاقسي: ولم يقل: مُطيعين، وهو كان أشبه، لأنَّ أطاعه إذا أجابوا أمره، وطَاعه إذا انقادوا له، وهؤلاء أجابوا أمر سليمان.
          قوله: ({رَدِفَ}[النمل:72] اقْتَرَبَ) هذا التفسير يُردُّ به دعوى المبرِّد ومَن وافقه أنَّ اللَّام في قوله: {لَكُمْ} زائدة للتوكيد، فإنَّه إذا كان معناه (اقْتَرَبَ) كان للتَّعدية، مثل: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ}[الأنبياء:1].
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَكِّرُوا}[النمل:41] غَيِّرُوا) أسندَه أبو محمَّد مِن حديث ابن أبي نَجيح عنه، بلفظ غيره.
          قوله: ({جَامِدَةً}[النمل:88] قَائِمَةً) أي في قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً}[النمل:88] أي ذلك يوم يُنفخ في الصُّور، قال بعض أهل التَّصوف: في هذا إشارة إلى أصْحاب التَّمكين، السَّاكنين بنفوسهم، السَّائرين في الملكوت بأسرارهم، كما قيل: العارف كائنٌ بائنٌ، كائنٌ مع الخلق بظاهره (3)، بائنٌ عن جميعهم بسرائره. نُقِل أنَّ الجُنيد ☼تعالى حضر في مجلس سماع مع (4) بعض أصحابه وإخوانه، فانبسطوا وتحرَّكوا، وبقي هو على حاله لم يؤثِّر فيه، فقيل له: ألا تنبسط كما يبسط إخوانك؟ فقال: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}[النمل:88].


[1] كذا، وأصله في «مجمل اللغة»:(بيت واحد يبنى منفردًا ضخماً طويلاً في السماء).
[2] أصله في «الجامع الصحيح»:(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلَهَا عَرْشٌ}).بتقديم وتأخير.
[3] في الأصل:((لظاهره)) باللام، والصواب بالباء، وهو بالباء في «لطائف الإشارات» للقشيري.
[4] قوله:((مع)) ليس في الأصل.وهي من «حقائق التفسير» للسُّلَمي.