التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

{والذاريات}

          ░░░51▒▒▒ (سُورَةُ الذَّارِيَاتِ)
          قوله: (قَالَ عَلِيُّ بنُ أبي طَالِبٍ: الذَّارِيَاتُ الرِّيَاحُ) هذا أسندَهُ عبدُ الرَّزَّاقِ في «تفسيره» عن مَعمَر، عن وهبِ بن عبد الله، عن أبي الطُّفَيلِ، أنَّ ابنَ الكوَّاءِ سأل علِيًّا عن ذلك فقال: {الذَّارِيَاتِ} الرِّيَاحُ، و{الحَامِلاتِ وِقرًا} السَّحابُ، و{الجَارِيَاتِ يُسْرًا} السُّفنُ، {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا}[الذاريات:1-4] الملائكةُ. وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشيخين.
          قوله: ({فَرَاغَ}[الصافات:91]: فَرَجَعَ) الرَّوغُ والرَّوَغانُ عُدولٌ مع استِخفاءٍ، أي مالَ إبراهيمُ إلى أهلِ منزلِهِ كالمستخفي مِن أضيافِهِ.
          قوله: ({بِعِجْلٍ سَمِينٍ}[الذاريات:21]) قال قتادةُ: كان أكثرُ أموالِ إبراهيمَ ◙ البقرُ. وقيل: العِجْلُ في بعضِ اللُّغاتِ الشَّاةُ.
          قوله: ({فِي صَرَّةٍ}) [الذاريات:29] أي في صَيحةٍ عظيمةٍ شديدةٍ، وكان لها تسعةٌ وتسعون سنةً حين قالت: {أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ}[هود:72].
          قوله: ({إِنَّا لَمُوسِعُونَ}[الذاريات:47]: أَيْ لَذُو سَعَةٍ) أي طاقةٍ وقُوَّةٍ.
          قوله: ({فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}[الذاريات:50]: أيْ مِنَ اللَّهِ إِلَى اللهِ) أي مِن معصِيَةٍ إلى طاعةٍ.
          قوله: (وَالرَّمِيمُ نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ) بكسرِ الدَّالِ المهملةِ مِن الدَّوْسِ ووطْءِ الشَّيْءِ بالأقدامِ والقوائِمِ حتى يَتَفَتَّتْ، ومنه (1) دياسُ الزَّرع. وقيل: الرَّميمُ الشيءُ البالي، ومنه: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس :78] أي باليةٌ.
          قوله: ({الرِّيحَ الْعَقِيمَ}[الذاريات:41]: أي الَّتِي لاَ تُلْقِحُ) أي شجرًا ولا تنشئُ سحابًا، ولا رحمةَ بها ولا بركة، والعَقيمُ مِن النساء الَّتي لا تلِدُ. حكاه في المتنِ عن مجاهدٍ، والأوَّلُ قولُه أيضًا.
          قوله تعالى: ({وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:56]: أي مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ الفَرِيقَيْنِ إِلَّا لِيُوَحِّدُونِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ وَتَرَكَ بَعْضٌ) فإنْ قلتَ: لمَ خصَّصَهم بالسُّعداء وفسَّر العبادةَ بالتوحيد؟ قلتُ: ليُظهِرَ الملازمةَ بين العلَّةِ والمعلول.
          قوله: (وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ القَدَرِ) أي المعتزلةِ الَّذين احتجُّوا بها على أنَّ إرادةَ اللهِ تعالى لا تتعلَّقُ إلَّا بالخيرِ، وأنَّ الشِّرَّ ليس مرادًا له تعالى.
          فقال البخاري: لا يلزم مِنْ كونِ الشِّيءِ معلَّلًا بشيءٍ أن يكون ذلك الشِّيءُ _أي العلَّةُ_ مرادًا، وأَلَّا يكونَ غيرُهُ مرادًا، ويحتمل أن يُراد أنَّهم يحتجُّونَ به عَلى أنَّ أفعالَ العِبادِ لا بُدَّ وأنْ تكونَ / معلَّلةً. فقال: لا يلزمُ مِن وقوعِ التَّعليلِ وجوبُهُ، ونحن نقول بجوازِ التَّعليلِ أو عَلى أنَّ أفْعالَ العِبادِ مخلوقةٌ لهم لإسنادِ العِبادةِ إليهم. فَقال: لا حُجَّةَ لهم فيه، لأنَّ الإسنادَ مِن جِهَةِ الكَسبِ وكونِ العبدِ محلًّا لها.
          وفيما ذكره البخاريُّ دليلٌ عَلى إمامتِهِ في عِلمِ الكَلامِ، ولكن للآيةِ تأويلانِ:
          أحدُهما: أنَّ اللَّفظ عامٌّ والمُرادَ خاصٌّ وهم أهلُ السعادةِ، وكُلٌّ ميسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له.
          ثانيهما: خَلَقَهم مُعدِّين للعبادةِ، كما تقول: البَقر مخلوقة للحَرثِ، وقد يكون فيها مَا لا يُحرُثُ.
          قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَوَاصَوْا}[البلد:17]: تَوَاطَئُوا) أي أوصى بعضُهم بعضًا بالتكبيرِ وتواطئوا عليه. والألِف في قوله: {أتَوَاصَوْا بِهِ}[الذاريات:53] ألِفُ التوبيخ.
          قوله: (وَالذَّنُوبُ: الدَّلْوُ العَظِيمُ) أي أصل الذَّنوبِ الدَّلوُ العظيمُ، والمرادُ به قوله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ}[الذاريات:59]: النَّصيبُ، ولا يُسَمَّى الذَّنوبُ بذلكَ إلَّا إذا كان مَلآن.
          قوله: ({ذَنُوبًا}[الذاريات:59]: سَجْلًا) هذا مِنْ قولِ مجاهِد، أخرجهُ عبدُ بنُ حُميد، عن رَوْحٍ، عن شِبل، عن ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنه.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الحُبُكُ اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا) هذا أخرجه ابنُ أبي حاتمٍ مِن حديث شُعبةَ عنه، وقال مقاتلٌ: الحُبُكُ الطرائقُ التي في الرَّمْلِ مِن الريحِ، وقيل: الماء يصيبهُ الرِّيحُ فيركبُ بعضُه بعضًا.


[1] في(الأصل):((وفيه)).