التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سورة الرعد

          ░░░13▒▒▒ (سُورَةُ الرَّعْدِ)
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ}[الرعد:14]: مَثَلُ المُشْرِكِ الَّذِي عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ مَعَهُ كَمَثَلِ العَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى خَيَالِهِ فِي المَاءِ مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ فَلاَ يَقْدِرُ) كَذا عند القَابسي، وعند غيره: <فلا يقدم> وهما صحيحان، يُقال: قدَّرت الشَّيء أقدِّره وأَقْدُره. هذا الأثر عن ابن عباس رواه أبو محمَّد ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي صالح عن معاوية عن عليٍّ عنه، وقوله بعد هذا: يدعو إلى الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا يأتيه. وهذا قول مجاهد.
          قوله: ({مُتَجَاوِرَاتٌ}[الرعد:4]: مُتَدَانِيَاتٌ) قيل: في الكلام حذف، والمعنى: الأرض قطع متجاورات وغير متجاورات، كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[النحل:81] أي: والبرد، حُذف للعلم.
          قوله: ({المَثُلاَتُ (1)}[الرعد:6]: وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ) أي: كتمرة وتمرات وهي العقوبة الفاضحة.
          قوله: (وَهِيَ الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ) كَذا قال ابن قتيبة، أصلُ المُثلة الشَّبه والتَّطير وما يُعتبر به، يريد مِن خلا مِن الأمم.
          قوله: ({مُعَقِّبَاتٌ}[الرعد:11]: مَلاَئِكَةٌ حَفَظَةٌ) أي: يحفظون / عليه قوله وفعله، ومعنى قوله: {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}[الرعد:11] أي: بأمر الله. (تُعَقِّبُ الأُولَى مِنْهَا الأُخْرَى) ومنه: ((يتعاقبون فيكم ملائكة اللَّيل وملائكة النَّهار)) يُقال: عقبته في أثره. قال السَّفاقسي: هو بفتح القاف وتخفيفها، وضبطه بعضهم بتشديدها وبعضهم بكسرها ولا وجه له إلَّا أن تكون لغةً.
          قوله: ({جُفَاءً}[الرعد:17]: أَجْفَأَتِ القِدْرُ، إِذَا غَلَتْ) المشهور في اللُّغة: جفَأتِ القدر إذا ألقتْ بزبدها عند الغَليان، وأجفأ لغةٌ فيه، وجفأتُ القدر إذا أكفأتها وأمَلْتها فصببتُ ما فيها، ولا يُقال: أجفأتها.
          قوله: ({فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا}[الرعد:17]: تَمْلَأُ بَطْنَ وَادٍ) كَذا لبعضهم، وللأَصِيْلي: < تَمْلَأُ كُلِّ وَادٍ > وهو الأصحُّ، ويُروى: ((ماء بطن واد)).
          قوله: ({أَفَلَمْ يَيْئَسْ}:لَمْ يَتَبَيَّنْ) كذا قال أبو عبيد ألم يعلم ويتبين، قال سُحَيْمٍ:
أقول لهم بالشِّعب إذ يأسرونني                     ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم
          وردَّ الفرَّاء هذا وقال: لم يُسمع يئس بمعنى علمتُ، ورُدَّ عليه بأنَّ مَن حفظ (2) حجَّة على مَن لم يحفظ، ويدل عليه قراءة ابن عباس وجماعة مِن السَّلف▬أفلم يتبين↨ مِن تبينت كَذا إذا عرفتُه. وقد افترى مَن قال: إنَّما كتبه الكاتب وهو ناعس وكان أصله أفلم يتبين فسوَّى هذه الحروف فتوهم أنَّها سَين.
          قال الزَّمخْشري: وهذا ونحوه ممَّا لا يُصدَّق في كتاب الله تعالى الَّذي لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ولا مِن خلفه.
          قوله: ({سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ}[الأنعام:54]: أَيْ يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ) الأحسن تقدير: يدخلون قائلين سلامٌ عليكم، فالجملة محكيَّة بقول مضمر، والقول المضمر حال مِن فاعل يدخلون.
          قوله: ({فَأَمْلَيْتُ}[الرعد:32]: أَطَلْتُ مِنَ المَلا وَالمِلاَوَةِ) والملا مقصور غير مهموز ويُكتب بالألف، وهو المتَّسع مِن الأرض، و(المِلاَوَةِ) بضمِّ الميم وفتحها، أي: قد أطلتُ في عمره، وأنشد في الملا:
ألا غنِّيا لي وارفع الصَّوت بالملا                     فإنَّ الملا عندي يزيد المدى بعدا
          قوله: ({صِنْوَانٌ}[الرعد:4]: النَّخْلَاتُ فَأَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، {وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}[الرعد:4] المُتَفَرِّقَة) اعلمْ أنَّ الصِّنوان يُطلَق على الاثْنين والجمع وليس له نظير إلَّا قِنْو وقنوان. والصِّنو الفرع يجمعه، وفرعاً أحدُ أصل واحد (3) وأصله المِثل، وفي الحديث: ((عمُّ الرَّجل صنو أبيه)).


[1] في الأصل:((والمثلات)).
[2] في الأصل:((حفظه)).
[3] كذا في الأصل.