التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سورة العنكبوت

          ░░░29▒▒▒ (سُورَةُ العَنْكَبُوتِ)
          (قَالَ مُجَاهِدٌ: {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}[العنكبوت:38]: ضَلَلَةً) هذا أسندَه ابن أبي حاتم مِن حديث ابن أبي نَجيح عنه بلفظ: ((وكانوا مستبصرين مِن الضَّلالة)). وقال قتادة: معجبين بضلالهم. في «تفسير ابن عطية» عن مجاهد وابن عباس معناه: لهم بصيرة في كفرهم، وإعجاب به، وإصرار عليه، فذمَّهم بذلك. وقيل: لهم بصيرة في أنَّ الرِّسالة والآيات حقٌّ، لكنَّهم كانوا مع ذلك يكفرون عنادًا، ويردُّهم الضَّلال إلى مجاهله ومتالفه (1)، فهو نظير: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}[النَّمل:14].
          قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {الحَيَوَانُ}[العنكبوت:64] وَالحَيُّ وَاحِدٌ) كَذا لأكثرهم، وهو مصدر حَييَ حيًّا، على مثل: عَييَ عيًّا، وعند ابن السَّكن والأَصْيْلي: <الحيوان والحياة واحد> والمعنى لا يختلف.
          قوله: ({فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ}[العنكبوت:3] أي: عَلِمَ اللَّهُ ذَلِكَ، إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ فَلِيَمِيزَ اللَّهُ، كَقَوْلِهِ: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[الأنفال:37]) لأنَّ الله قد علم ذلك مِن قبل، وعبارة الكِرْمَاني: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} يعني ظاهره مشعرٌ بأنَّه لا يعلم في الماضي، وليس كَذلك، لأنَّ علمه تعالى قديم أزليٌّ، فمعناه: فليميزنَّ الله تعالى، وذلك لما بين العِلم والتَّمييز مِن الملازمة.


[1] في الأصل: ,))ومبالغه))، والتصويب من «المحرر» لابن عطية، وكذلك «التنقيح» للزركشي.