شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من لعن المصور

          ░96▒ باب: من لعن المصور.
          فيه أَبُو جُحَيْفَةَ: (أَنَّ النبي صلعم لَعَنَ الْمُصَوِّرَ...) الحديث. [خ¦5962]
          وفيه ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صلعم يَقُولُ: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً في الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ). [خ¦5963]
          قال المهلَّب: إن قال قائلٌ: كيف أدخل البخاريُّ(1) حديث ابن عبَّاسٍ في باب من لعن المصوِّر، وليس ذلك في الحديث؟
          قيل: وجه ذلك _والله أعلم_ أنَّ اللعن في لغة العرب الإبعاد من رحمة الله بالعذاب، ومن كلَّفه(2) الله سبحانه أن ينفخ الروح(3) فيما صوَّر وهو لا يقدر على ذلك أبدًا فقد أبعده الله من رحمته، فأين(4) أكثر من هذا اللعن؟!
          قال الطبريُّ: وفي قوله صلعم: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ) دليلٌ بيِّنٌ أنَّ الوعيد إنَّما جاء في تصوير ما له روحٌ من الحيوان، وأمَّا تصوير الشجر والجمادات فليس بداخلٍ في معنى الحديث.
          وروى سفيان عن عوفٍ عن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عبَّاسٍ فأتاه رجلٌ فقال: إنَّ معيشتي من هذه التصاوير، فقال ابن عبَّاسٍ: قال النبيُّ صلعم: ((مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ))، فاصفرَّ الرجل، فلمَّا رأى صُفرته قال: فإن(5) كنت لا بدَّ صانعًا فعليك بهذه(6) الشجر وكلِّ شيءٍ ليس فيه روحٌ.


[1] قوله: ((البخاري)) ليس في (ت).
[2] في (ت): ((طاعة)).
[3] في (ت): ((ينفخ فيه الروح)).
[4] في (ت): ((وأين)).
[5] في (ت) و (ص): ((إن)).
[6] في (ت) و (ص): ((بهذا)).