شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب العمائم

          ░15▒ بَابُ العَمَائِمِ.
          فيه ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (لا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْعِمَائَم...) الحديث. [خ¦5806]
          قال المؤلِّف: العمائم(1) تيجان العرب وهي زيُّهم، / وقد روي أنَّ الملائكة الذين نصروا النبيَّ صلعم يوم بدرٍ كانوا بعمائم صفرٍ.
          قال مالكٌ: العمَّة والاحتباء والانتعال من عمل العرب، وليس ذلك في العجم، وكانت العمَّة في أوَّل الإسلام، ثمَّ لم تزل حتَّى كان هؤلاء القوم.
          قال ابن وهبٍ: وحدَّثني مالكٌ أنَّه لم يدرك أحدًا من أهل الفضل مثل(2) يحيى بن سعيدٍ وربيعة وابن هُرمُز إلَّا وهم يعتمُّون، ولقد كنت في مجلس ربيعة، وفيه أحدٌ وثلاثون رجلًا ما منهم رجلٌ إلَّا وهو معتمٌّ وأنا منهم، ولقد كنت أراهم يعتمُّون في العشاء والصبح، وكان ربيعة لا يدع العمامة حتَّى يطلع الثريا، وكان يقول: إنِّي لأجد العمَّة تزيد في العقل.
          قال: وسئل مالكٌ عن الذي يعتمُّ بالعمامة ولا يجعلها من تحت حلقة، فأنكرها، وقال: ذلك من عمل النَّبَط، وليست من عمَّة الناس إلَّا أن تكون قصيرةً ولا(3) تبلغ، أو يفعل ذلك في بيته أو في مرضه، فلا بأس به، قيل له: فترخى بين الكتفين؟ قال لم أر أحدًا ممَّن أدركت يرخي بين كتفيه إلَّا عامر بن عبد الله بن الزبير، وليس ذلك بحرامٍ، ولكن يرسلها بين يديه وهو أجمل، وقال عامر بن عبد الله: رؤي جبريل في صورة دِحْية الكلبيِّ وقد سدل عمامته بين كتفيه.
          وروى أبو داود حدَّثنا الحسن بن عليٍّ، حدَّثنا أبو أسامة عن مُسَاوِرٍ الورَّاق، عن جعفر بن عَمْرٍو(4) في حديثٍ عن أبيه قال: ((رأيت النبيَّ صلعم على المنبر وعليه عمامةٌ سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه)).
          وروى الترمذيُّ عن هارون بن إسحاق قال: حدَّثنا يحيى بن محمَّدٍ المزنيُّ، عن عبد العزيز بن محمَّدٍ، عن عبيد الله بن عُمَر، عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: ((كان النبيُّ صلعم إذا اعتمَّ سدل عمامته بين كتفيه))، قال نافعٌ: وكان ابن عمر يفعله، قال عبيد الله: ورأيت القاسم، وسالمًا يفعلان ذلك. قال الترمذيُّ: وهذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.


[1] في (ت) و (ص): ((والعمائم)). وقوله: ((قال المؤلف)) ليس فيهما.
[2] قوله: ((مثل)) ليس في (ت) و (ص).
[3] في (ت) و (ص): ((لا)).
[4] في (ص): ((عمر)).