شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من جر ثوبه من الخيلاء

          ░5▒ بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيَلاَءِ
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا). [خ¦5788]
          وفيه أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ(1)، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ). [خ¦5789]
          وفيه ابْنُ عُمَر عَنِ النَّبِيِّ صلعم مثلَهُ، وقَالَ مرةً: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ مَخِيلَةٍ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِمُحَارِبٍ: أَذَكَرَ إِزَارَهُ؟ قَالَ: مَا خَصَّ إِزَارًا وَلا قَمِيصًا. [خ¦5791]
          قال الطبريُّ: إنَّما خصَّ الإزار بالذكر في حديث أبي هريرة _والله أعلم_ لأنَّ أكثر الناس في عهده ◙ كانوا يلبسون الأُزُر والأردية، فلمَّا لبس الناس المقطَّعات وصار عامَّة لباسهم(2) القُمُص والدراريع كان حكمها حكم الإزار، وأنَّ النهي عمَّا جاوز الكعبين منها داخلٌ في معنى نهيه صلعم عن جرِّ الإزار؛ إذ هما سواءٌ في المماثلة، وهذا هو القياس الصحيح.
          قال المؤلِّف: هذا طريق القياس لو لم يأت نصٌّ في التسوية بينهما، وقد تقدَّم حديث ابن عمر في هذا الباب أنَّ النبيَّ صلعم قال(3): (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ مَخِيلَةٍ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ(4))، فعمَّ جميع الثياب.
          وروى أبو داود عن ابن عمر: أنَّه سئل عن حديث الإزار فقال: ما قال رسول الله صلعم في الإزار فهو في القميص، وقد جاء هذا أيضًا عن النبيِّ صلعم، روى أبو داود قال: حدَّثنا هَنَّاد بن السَّرِيِّ قال: حدَّثنا حسينٌ الجُعْفيُّ، عن عبد العزيز بن أبي رَوَّادٍ، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبيِّ صلعم قال: ((الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جرَّ منها شيئًا لم ينظر الله إليه يوم القيامة)).
          وقوله: (يَتَجَلْجَلُ) يعني: يسوخ ويضطرب، قال صاحب «الأفعال(5) »: جَلْجَلت الشيء إذا حرَّكته، وكلُّ شيءٍ خلطت بعضه ببعض فقد جلجلته.


[1] زاد في (ت) و (ص): ((الأرض)).
[2] في (ص): ((لبسهم)).
[3] في (ت): ((وقال)).
[4] زاد في (ت) و (ص): ((يوم القيامة)).
[5] في (ت) و (ص): ((العين)).