شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فص الخاتم

          ░48▒ بَابُ فَصِّ الخَاتَمِ
          فيه أَنَسٌ: (سُئلَ هَلِ اتَّخَذَ النَّبِيُّ صلعم خَاتَمًا؟ قَالَ: أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاةَ الْعِشَاءِ إلى شَطْرِ(1) اللَّيْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلى وَبِيصِ خَاتَمِهِ...) الحديث. [خ¦5869]
          وفيه أَنَسٌ: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ(2) وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ). [خ¦5870]
          قال المؤلِّف: قد روى ابن وهبٍ عن يونس، عن ابن شهابٍ، عن أنسٍ قال: ((كان خاتم النبيِّ صلعم من ورِقٍ، وكان فَصُّه حبشيًّا))، وهذا ليس يتضادُّ في الرواية: ((كان له صلعم خاتمٌ(3) فصُّه من فضة، وخاتمٌ آخر فصُّه حبشيٌّ)).
          وذكر ابن أبي زيدٍ: ((أنَّ النبيَّ صلعم تختَّم بفصِّ عقيقٍ))، وقد روى حمَّاد بن سلمة الحديث الأوَّل، وزاد فيه بعد قوله: ((وكأنِّي(4) أنظر إلى وبيص خاتمه، ورفع يده اليسرى))، قال أحمد بن خالدٍ: هذا جِّيدٌ في التختُّم في اليسار، وهو كان آخر فعله، وأصل التختُّم في اليسار، وروى أبو داود قال: حدَّثنا نصر بن عليٍّ قال: حدَّثنا أبي، حدَّثنا عبد العزيز بن أبي رَوَّادٍ(5) عن نافعٍ، عن ابن عمر: ((أنَّ النبيَّ صلعم كان يتختَّم في يساره))، قال أبو داود: وقال ابن إسحاق، وأسامة، عن نافعٍ بإسناده: ((في يمينه))، وكان ابن عمر والحسن يتختَّمان في يسارهما(6).
          وقال مالكٌ: أكره التختُّم في اليمين، وقال: إنَّما يأكل ويشرب ويعمل بيمينه، فكيف يريد أن يأخذ باليسار ثمَّ يعمل؟ قيل له: أفتجعل الخاتم في اليمين للحاجة تذكرها؟ قال: لا بأس بذلك، وكان ابن عبَّاسٍ وعبد الله بن جعفر يتختَّمان في اليمين.
          وقال عبد الله بن جعفر: ((كان النبيُّ صلعم يتختَّم في يمينه))، رواه حمَّاد بن سلمة عن أبي رافعٍ، عن عبد الله بن جعفر، وقال البخاريُّ: هذا أصحُّ شيءٍ روي في هذا الباب، ذكره الترمذيُّ.


[1] في (ت) و (ص): ((ثلث)).
[2] في (ت) و (ص): ((من ذهب)).
[3] قوله: ((خاتم)) ليس في (ص).
[4] في (ت) و (ص): ((فكأني)).
[5] في (ت) و (ص): ((داود)).
[6] في (ت) و (ص): ((يسارهم)).