شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التزعفر للرجال

          ░33▒ بَابُ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ.
          فيه أَنَسٌ: (نَهَى النَّبِيُّ صلعم أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ(1)). [خ¦5846]
          قال المؤلِّف: نهيه صلعم عن التزعفر(2) للرجال معناه في الجسد.
          وقد روى أبو داود، عن موسى بن إسماعيل، عن حمَّادٍ، عن عطاءٍ الخراسانيِّ، عن يحيى بن يَعْمَر، عن عمَّار بن ياسرٍ قال: قدمت على أهلي ليلًا وقد تشقَّقت يداي، فخلَّقوني بزعفران، فغدوت على(3) النبيِّ صلعم فسلَّمت عليه ولم يرحِّب بي، فقال: ((اذهب فاغسل عنك هذا))، فذهبت فغسلته، ثمَّ جئت _وقد بقي عليَّ منه رَدعٌ_ فسلَّمت فلم يردَّ عليَّ ولم يرحِّب بي، وقال: ((اذهب فاغسل عنك هذا)). فذهبت فغسلته ثمَّ جئت، فسلَّمت، فردَّ عليَّ ورحَّب بي وقال: ((إنَّ الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخيرٍ، ولا المتضمِّخ بالزعفران، ولا الجنب)).
          وقد رواه عُمَر بن عطاء بن أبي الجوزاء، عن يحيى بن يَعمَر، عن رجلٍ عن عمَّارٍ، فهو حديث معلولٌ.
          فإن قيل: فنهيه صلعم عن التزعفر للرجال محمله التحريم؟
          قيل: لا، بدليل حديث أنسٍ: أنَّ عبد الرحمن بن عوفٍ قدم على النبيِّ صلعم وبه أثر صفرةٍ، وروي: وَضَر صفرةٍ، وزاد حمَّاد بن سلمة عن ثابتٍ: وبه ردعٌ من زعفران، فقال له: ((مَهْيَم؟)) فقال: تزوجت... الحديث، ولم يقل له النبيُّ صلعم: إنَّ الملائكة لا تحضر جنازتك بخيرٍ، ولا أنَّ هذه الصفرة التي التصقت بجسمك حرامٌ بقاؤها عليك، ولا أمره بغسلها، فدلَّ أنَّ نهيه صلعم عن التزعفر لمن لم يكن عروسًا إنَّما هو محمولٌ على الكراهية؛ لأنَّ تزعفر الجسد من الرفاهية التي نهى النبيُّ صلعم عنها بقوله(4): ((البذاذة من الإيمان)).


[1] في (ت): ((الرجال)). وقوله: ((قال المؤلف)) ليس في (ت) و (ص).
[2] في (ص): ((المزعفر)).
[3] في (ت) و (ص): ((إلى)).
[4] في (ت): ((لقوله)).