شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الخاتم في الخنصر

          ░51▒ بَابُ الخَاتَمِ فِي الخِنْصَرِ
          فيه أَنَسٌ: (اصطَنَعَ النَّبِيُّ صلعم خَاتَمًا، فَقَالَ: إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا فِضَّةً، وَنَقَشْنَا فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ، فَلا يَنْقُشْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، قَالَ: فَإِنِّي لأرَى بَرِيقَهُ في خِنْصَرِهِ).
          وترجم له: بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: (لاَ يَنْقُشُ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ). [خ¦5874]
          قال المؤلِّف: السنَّة في الخاتم أن يلبس في الخنصر، وقد روى الترمذيُّ عن ابن أبي عمر العدنيِّ، عن سفيان، عن عاصم بن كليبٍ، عن ابن أبي(1) موسى قال: سمعت عليًّا يقول: ((نهاني رسول الله صلعم أن ألبس خاتمًا في هذه وهذه، وأشار إلى السبابة والوسطى))، قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ، و ابن أبي(2) موسى هو أبو(3) بُرْدَة بن أبي موسى، واسمه عامر بن عبد الله بن قيسٍ.
          ونهيه صلعم أن لا ينقش أحدٌ على نقش خاتمه من أجل أنَّ ذلك اسمه وصفته / برسالة الله له إلى خلقه، وخاتم الرجل إنَّما ينقش فيه ما يكون تعريفًا له وسمةً تميِّزه من غيره، ولا يحلُّ لأحدٍ أن يسِمَ نفسه بسِمَة النبيِ صلعم ولا بصفته.
          قال مالكٌ: ومن(4) شأن الخلفاء والقضاة نقش أسمائهم في خواتيمهم.
          وروى أهل الشام أنَّه لا يجوز اتِّخاذ الخاتم لغير ذي سلطانٍ، ورووا في ذلك حديثًا عن أبي ريحانة: ((أنَّه سمع النبيَّ صلعم ينهى عن الخاتم لغير ذي سلطانٍ))، وحديث أبي ريحانه لا حجَّة فيه لضعفه.
          وقوله صلعم: (لاَ يَنْقُشْ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ) يردُّ حديث أبي ريحانة، ويدلُّ(5) على جواز اتِّخاذ الخاتم لجميع الناس إذا لم ينقش على نقش خاتمه صلعم؛ لأنَّه لم يبح ذلك لبعض الناس(6) دون بعضٍ، بل عمَّ جميعهم لقوله: (فَلاَ يَنْقُشْ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ)، وقد تختَّم السلف بعد رسول الله صلعم وهم الأسوة الحسنة.
          وروى مالكٌ عن صدقة بن يسارٍ قال: سألت سعيد بن المسيِّب عن لبس الخاتم فقال: البسه، وأخبر الناس أنِّي أفتيتك(7) بذلك. وإنَّما قاله ☼ على وجه الإنكار لقول أهل الشام.


[1] في (ت) و (ص): ((عن أبي)).
[2] في (ص): ((صحيح، وأبي)).
[3] قوله: ((أبو)) ليس في (ز) و(ص) والمثبت من المطبوع.
[4] في (ص): ((من)).
[5] قوله: ((ويدل)) ليس في (ت) و (ص).
[6] قوله: ((لأنه لم يبح ذلك لبعض الناس)) ليس في (ص).
[7] في (ت): ((أفتيك)). في (ت) كالمتن.