نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين

          4448- (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ) قال: (حَدَّثَنِي اللَّيْثُ) أي: ابن سعد قال: (حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهري أنَّه قال: (حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ☺: أَنَّ المُسْلِمِينَ بَيْنَمَا هُمْ) ويُروى: <بينا هم> بدون الميم (فِي صَلاَةِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ ☺ يُصَلِّي لَهُمْ) قال الحافظُ العسقلاني: فيه أنَّه لم يصل لهم ذلك اليوم، وأمَّا ما أخرجه البيهقيُّ من طريق محمَّد بن جعفر عن حُميد عن أنس ☺: آخر صلاة صلَّاها رسول الله صلعم مع القوم. الحديث وفسَّرها بأنَّها صلاة الصُّبح فلا يصحُّ لحديث الباب، ويُشبه أن يكون الصَّواب أنَّها صلاة الظُّهر (لَمْ يَفْجَأْهُمْ) جواب بينما (إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلعم قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ ♦ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ ☺ عَلَى عَقِبَيْهِ) أي: تأخر إلى ورائه (لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ، قَالَ أَنَسٌ ☺: وَهَمَّ) أي: قصدَ (المُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ) أي: إبطال صلاتهم (فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلعم ) بإظهار السُّرور قولًا وفعلًا (فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلعم أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ الحُجْرَةَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ) أي: الستارة، وزاد أبو اليمان عن شعيب: ((وتوفِّي من يومه ذلك))، أخرجه المصنف في الصَّلاة [خ¦754] وبذلك يُطابق الحديث التَّرجمة.
          وللإسماعيلي من هذا الوجه: ((فلمَّا تُوفي بكى النَّاس، فقام عمرُ في المسجد، فقال: لا أسمعنَّ أحدًا يقول: مات محمَّد))، الحديث وهي على شرط الصَّحيح. وقوله: ((وتُوفي من آخر ذلك اليوم)) كما في رواية يخدشُه جزم ابن إسحاق بأنَّه مات حين اشتدَّ الضُّحى، ويُجمع بينهما بأنَّ إطلاق الآخر بمعنى ابتداء الدُّخول في أول النِّصف الثاني من النَّهار شائع، وذلك عند الزَّوال واشتداد الضُّحى يقعُ قبل الزوال ويستمرُّ حتَّى يتحقَّق زوال الشَّمس.
          وقد جزمَ موسى بن عقبة عن ابن شهاب بأنَّه صلعم مات حين زاغت الشَّمس، وكذا لأبي الأسود عن عروة فهذا يؤيِّد ذلك الجمع، وقد مضى الحديث في «كتاب الصَّلاة»، في باب «أهل العلم والفضل أحقُّ بالإمامة» [خ¦680].