نجاح القاري لصحيح البخاري

معلق يونس: يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر

          4428- (وَقَالَ يُونُسُ) هو: ابنُ يزيد (عَنِ الزُّهْرِيِّ) أي: ابن شهاب، أنَّه قال: / (قَالَ عُرْوَةُ) هو: ابنُ الزبير بن العوام ☺ (قَالَتْ عَائِشَةُ ♦: كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ) أي: أُحس الألم في جوفي بسبب ذلك الطَّعام، وهو الذي سمَّته اليهودية زينب بنت الحارث بن سلام، وقيل: أخت مرحب من شجعان أهل خيبر.
          وقد مرَّ بيانه في الباب الذي ذكر في غزوة خيبر [خ¦3] [خ¦4] من حكاية الشَّاة المسمومة، وقال الدَّاودي: المراد أنَّه نقص من لذَّة ذوقهِ. وقال ابن التِّين: هذا ليس بشيءٍ؛ لأنَّ نقص الذَّوق ليس بألم.
          (فَهَذَا أَوَانُ) مبتدأ وخبر، وقيل: «أوان»، بالفتح على الظرفية، وبُنيت على الفتح لإضافتها إلى مبني هو الماضي؛ لأنَّ المضاف والمضاف إليه كالشيءِ الواحد (وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي) الأَبَهْر _بفتح الهمزة والموحدة وسكون الهاء_، والمشهور: فتح الهمزة والهاء وسكون الموحدة، وهو عرقٌ مستبطن القلب، قيل: وهو النِّياط الذي علِّق به القلب، فإذا انقطع مات صاحبه، وقيل: هما أبهران يخرجان من القلب، ثمَّ يتشعَّب منهما سائر الشَّرايين، وقيل: إنَّه عرق في الصُّلب متَّصل بالقلب.
          (مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ) بفتح المهملة وضمها؛ أي: الذي سمَّته تلك المرأة في غزوة خيبر. ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرةُ، وهذا تعليقٌ وصله البزَّار والحاكم والإسماعيلي من طريق عَنْبسة بن خالد عن يونس بهذا الإسناد. قال البزَّار: تفرَّد به عنبسة عن يونس _أي: بوصله_ وإلَّا فقد رواه موسى بن عقبة في ((المغازي)) عن الزُّهري لكن أرسله، وله شاهدان مرسلان أيضًا أخرجهما إبراهيمُ الحربي في «غريب الحديث» له: أحدهما: من طريق يزيد بن رومان. والآخر: من رواية أبي جعفر الباقر.
          وللحاكم موصولًا من حديث أمِّ مبشر، قالت: قلتُ: يا رسول الله ما تتَّهم بنفسك، فإني لا أتَّهم بابني إلَّا الطَّعام الذي أكلَ بخيبر، وكان ابنها بشر بن البراء بن مَعْرور مات [قبل النبي صلعم ] فقال: وأنا لا أتَّهم غيرها، وهذا أوانُ انقطاع أبهري. وروى ابنُ سعد عن شيخه الواقدي بأسانيد متعدِّدة في قصَّة الشاة التي سُمَّت له بخيبر، فقال في آخر ذلك: وعاش بعد ذلك ثلاث سنين، وكان وجعُه الذي قُبضَ فيه جعل يقول: ((ما زلت أجدُ من الأكلة التي أكلتُها بخيبر عدادًا حتَّى كان هذا أوانُ انقطاع أبهري)) عِرْقٌ في الظَّهر، وتوفي شهيدًا، انتهى.
          قوله: «عِرْقٌ في الظَّهر»، من كلام الرَّاوي، وكذا قوله: «وتوفي شهيدًا».