نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده

          4439- (حَدَّثَنَا حِبَّانُ) بكسر المهملة وتشديد الموحدة، / هو: ابنُ موسى المروزي، وقد وقع هذا الحديث في بعض نسخ البخاريِّ بعد سبعة أحاديث (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هو: ابنُ المبارك المروزي، قال: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ) هو: ابنُ يزيد (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) أنَّه: (قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ ♦ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم كَانَ إِذَا اشْتَكَى) أي: مرض (نَفَثَ) أي: تفل بغير ريقٍ، أو مع ريقٍ خفيف (عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ) أي: بالسُّورتين اللَّتين في آخر القرآن، وجمع باعتبار أنَّ أقلَّ الجمع اثنان، أو أرادهما مع سورة الإخلاص، فهو من باب التَّغليب، وهذا هو المعتمدُ، أو باعتبار أنَّ المراد الكلمات التي يقعُ التَّعوذ بها من الشَّيطان والأمراض والآفات.
          (وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ) والمعنى: يقرأها ماسحًا بجسدِهِ عند قراءتها، ووقعَ في رواية مالك عن ابنِ شهاب في «فضائل القرآن» بلفظ: ((يقرأُ على نفسه بالمعوِّذات)).
          وسيأتي في الطب [خ¦5735]، وفي الدعوات [خ¦6319] من طريق عُقيل عن الزُّهري: أنَّه صلعم كان يفعلُ ذلك إذا أخذَ مضجعه، هذه رواية اللَّيث عن عقيل، وفي رواية المفضَّل بن فَضَالة عن عقيل في فضائل القرآن [خ¦5017]: ((كان إذا أوى إلى فراشهِ جمعَ كفَّيه، ثمَّ نفثَ فيهما، يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:1] و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:1])).
          (فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ، طَفِقْتُ) أي: أخذت وشرعت، وهو من أفعالِ المقاربة، ويُروى: <فطفقت> بالفاء في أوله (أَنْفِثُ) بكسر الفاء (عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صلعم عَنْهُ) وفي رواية معمر: ((وأمسحُ بيد نفسهِ لبركتها))، وفي رواية مالك: ((وأمسح بيده رجاء بركتها)). وفي رواية مسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيهِ عن عائشة ♦: ((فلمَّا مرضَ مرضه الذي مات جعلت أنفثُ عليه، وأمسحُ بيد نفسهِ، لأنَّها كانت أعظمُ بركة من يدي)).
          وسيأتي في آخر هذا الباب من طريق ابنِ أبي مُليكة عن عائشة ♦ [خ¦4451]: فذهبتُ أُعوِّذُه فرفع بصره إلى السَّماء وقال: ((في الرَّفيق الأعلى)). /
          وللطَّبراني من حديث أبي موسى: فأفاق وهي تمسحُ صدرَهُ وتدعو بالشِّفاء فقال: ((لا، ولكن أسألُ الله الرَّفيق الأعلى))، وسيجيءُ الكلام على الرَّفيق الأعلى في الحديث السَّابع [خ¦4436] إن شاء الله تعالى.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: «وجعه الذي توفي فيه».