إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق

          2190- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ) أبو محمَّد الحجبيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا) هو إمام دار الهجرة ابن أنس الأصبحيُّ (وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللهِ) بضمِّ العين مُصَغَّرًا (بْنُ الرَّبِيعِ) بفتح الرَّاء، وكان الرَّبيع حاجب المنصور، وهو والد الفضل وزير هارون الرشيد، وفيه إطلاق السَّماع على ما قُرِئ على الشَّيخ وأقرَّ به، وقد استقرَّ الاصطلاح على أنَّ السَّماع مخصوصٌ بما حَدَّث به الشَّيخ لفظًا (أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ) بن الحصين (عَنْ أَبِي سُفْيَانَ) مولى ابن أبي أحمد (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ أَنَّ النَّبِيَّ(1) صلعم رَخَّصَ) بتشديد الخاء المعجمة من التَّرخيص، وللأَصيليِّ وأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”أرخص“ بهمزةٍ مفتوحةٍ قبل الرَّاء، من الإرخاص (فِي بَيْعِ) تمر (العَرَايَا) والعرايا: النَّخل (فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) جمع وَسْق _بفتح الواو على الأفصح_ وهو ستُّون صاعًا، والصَّاع: خمسة أرطالٍ وثلث، بتقدير الجفاف بمثله (أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؟ قَالَ) مالكٌ: (نَعَمْ) حدَّثني داود(2)، ووقع في «مسلمٍ» أنَّ الشَّك من داود بن الحصين، وللمؤلِّف في آخر «الشُّرب» [خ¦2382] من وجهٍ آخر عن مالكٍ مثله، وقد أخذ الشَّافعيُّ ☼ بالأقلِّ؛ لأنَّ الأصل التَّحريم، وبيع العرايا رخصةٌ، فيُؤخَذ بما يُتحقَّق منه الجواز، ويُلغَى ما وقع فيه الشَّكُّ، وهو قول الحنابلة، فلا يجوز في الخمسة في صفقةٍ، ولا يُخرَّج على تفريق الصَّفقة؛ لأنَّه صار بالزِّيادة مزابنةً‼، فبطل في الجميع، والرَّاجح عند المالكيَّة الجواز في الخمسة فما دونها، وسبب الخلاف: أنَّ النَّهي عن المزابنة وقع مقرونًا بالرُّخصة في بيع العرايا، فعلى الأوَّل لا يجوز في الخمسة للشَّكِّ في رفع التَّحريم، وعلى الثاني يجوز للشَّكِّ في قدر التَّحريم(3).


[1] في (د): «رسول الله».
[2] «حدَّثني داود»: ليس في (ص) و(م).
[3] زيد في (د) و(ص) و(م): «قال داود: نعم؛ حدثني»، ولعلَّه تكرارٌ.